تجاوز المحتوى

الوسم: رواية

1984 – جورج اورويل – رواية

التقييم 5/5

لا يقيم المرء ديكتاتورية حتى يحمي ثورة… يقوم المرء بثورة حتى يبني حكماً ديكتاتورياً!

الكاتب “بلال فضل” في أحد حلقات برنامج عصير الكتب تحدث عن الاقتباسات التي ينشرها الناس على شبكات التواصل الاجتماعي من كتب قديمة مثل “مقدمة ابن خلدون” أو “مهزلة العقل العربي” أو “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” أو حتى حديثاً مثل كتب الراحل “د. فرج فودة”، وكان يستعجب كيف ان كتاب صدر منذ عشرات السنين يصف حالنا اليوم بدقة كبيرة، ذلك شيء مثير للحزن وليس للإعجاب. ذلك يعني اننا لم نتغير كمجتمعات منذ مئات السنين. ذات المشاكل وذات الفساد وذات التخلف! وتحدّث وقتها عن الفرق بين من يرى التاريخ كخط مستقيم ومن يراه كدائرة تُعيد نفسها مراراً وتكراراً. رواية 1984 -للأسف- تجعلك حزيناً، ستتعجب من كيف أن كل الأنظمة الفاسدة تسير على نفس الخطى بدون أدنى اختلاف! وكأنهم يقرأون من نفس “الكتالوج”.

إن كان هنالك من أمل، فالأمل يكمن في عامة الشعب

نفس السيطرة على الإعلام، نفس القتل، نفس الفساد في كل مؤسسات الدولة. نفس حالة الانهيار الاقتصادي المصاحبة لكل ديكتاتورية. نفس المسئولين المجرمين الذين أزعجونا حديثاً عن الشرف والوطنية وقيمة العمل ودعم الفقراء… الخ

الرواية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية، القسم الاول ليس به “حوارات” بين الشخصيات بكثرة، ويعتمد على السرد. هي أشبه بمذكرات أو تأملات البطل في حال البلاد. كيف يفكر ويرى ويتفاعل مع هذا المجتمع. عبارة عن وصف لعالم الرواية. أما في القسم الثاني سيقوم البطل والبطلة بمقابلة للانضمام لمنظمة سرية، وسيأخذ البطل كتاب “سري” به شرح لأفكار تلك المنظمة. واثناء قراتي لنص الكتاب شعرت أن هذا هو الذي كان يريد أن يقوله “جورج أورويل” ولكن وضعه في قالب روائي ليخفف من حدة الأمر. أما في القسم الثالث والأخير… حسناً لا أريد أن أفسده على من لم يقرأ الرواية بعد. بالنسبة لي يمكنك الاكتفاء بقراءة القسم الثاني فقط بشكل منفصل بدون الرواية وستصلك الفكرة بشكل جيد. ولكن القسم الثالث من الرواية السبب الوحيد -من وجهة نظري- لقراءته هو “السطر الأخير في الرواية”.

– كيف يفرض إنسان سيطرته على إنسان آخر يا ونستون؟

– فكر ونستون ثم قال: “بأن يجعله يعاني”

من سخرية القدر أنني قرأت الرواية في ظل إجتياح فيروس كورونا، وأن أرى بنفسي كيف قامت الدول الديموقراطية وغير الديموقراطية بالتعامل مع الفيروس. كيف ان دولة مثل ألمانيا وبريطانيا وأمريكا أعلنوا ان الفيروس سينتشر بشكل أكبر وأن أعداد الوفيات ستكون أكبر، وكانوا أكثر شفافية في إعلان التقارير عن الحالات المصابة والمتوفاة. أما في الجانب الآخر كيف أن دولاً عربية ظلت تماطل وتنكر -لأن مصر مذكورة في القرآن والإنجيل- وتخفي الاحصائيات حتى أجبرتها الأحداث أن تُعلن عن الأرقام.

هذا أول عمل أقراه للكاتب وبدأت بالفعل بثاني أشهر رواياته: “مزرعة الحيوان”. ثم بعد ذلك سأبدأ في قراءة روايتين لنفس الكاتب ايضاً وهم “أيام في بورما” و”هدنة لالتقاط الأنفاس” وهم من نشر مؤسسة هنداوي.

قرأت النصف الاول من الرواية من ترجمة “أنور الشامي” صادرة عن “المركز الثقافي العربي”، والنصف الثاني من ترجمة “الحارث النبهان” صادرة عن “دار التنوير” وكلاهما جيد جداً. لكن كلا الغلافيين سيء!

 

أخيراً بعض الفقرات اللي عجبتني في الرواية:

البشر جميعًا أعداؤنا! والحيوانات كلها رفاقنا

على امتداد التاريخ المسجّل كلّه. بل ربما منذ نهاية العصر الحجري الحديث، كان في العالم أنواع ثلاثة من البشر، الطبقة العليا، والطبقة الوسطى، والطبقة الدنيا. وكان هؤلاء منقسمون إلى أقسام فرعية بطرق كثيرة. وحملت هذه الأقسام ما لا يُحصى من الأسماء، فضلاً عن أن أعدادها النسبية، إضافة إلى موقف كل منها من البقية، قد شهدت اختلافاً من عصر إلى آخر: لكن بنية المجتمع الأساسية لم تتغير أبداً. وحتى بعد الهبّات الكبرى والتغيرات التي بدت كأنها لا عودة عنها، فقد ظل هذا النوذج يؤكد نفسه على الدوام، تمامً مثلما يستعيد الجيروسكوب توازنه دائماً مهما دُفِع إلى الإنجراف في هذه الناحية أو تلك.
إن أهداف هذه الجماعات غير قابلة للتوفيق بينها على الإطلاق. تريد الطبقة العليا أن تبقى حيث هي. وتريد الطبقة الوسطى أن تحل محلها. وأما هدف الطبقة الدنيا، عندما يكن لها هدف… لأن من الخصائص الملازمة للطبقة الدنيا أنها مسحوقة تحت وطأة بؤسها إلى درجة لا تكاد تجعلها قادرة على إدراك شيء خارج مقتضيات حياتها اليومية، إلا لماماً… فهو إلغاء التمايزات كافة وإقامة مجتمع يتساوى فيه الناس جميعاً. ومن هنا، فقد امتد على طول التاريخ صراع متكرر مرة بعد مرة وله الخطوط الأساسية ذاتها. كانت الطبقة العليا تبدو مستقرة في السلطة زمناً طويلاً. لكن لحظة تأتي، عاجلاً أو آجلاً، تفقد عندما إيمانها في نفسها أو قدرتها على الحكم بفعالية، أو الأمرين معاً. وعند ذلك تطيح بها الطبقة الوسطى التي تجنِّد الطبقة الدنيا في صفها عبر تظاهرها أمامها بأنها تقاتل من أجل الحرية والعدالة. وفور وصول الطبقة الوسطى إلى هدفها، فإنها تعيد الطبقة الدنيا إلى موقعها العبودي السابق وتجعل من نفسها طبقة عليا. وفي الحال تنشأ طبقة وسطى جديدة منشطرة من واحدة من الجماعتين، أو من الجماعتين معاً، ويبدأ الصراع نفسه من جديد. ومن بين المجموعات الثلاث، تتميز الدنيا وحدها بأن النجاح لم يكن يوماً من الأيام حليفاً لها في تحقيق أهدافها.

ثمة طرق أربع، لا غير، يمكن بها أن تخسر الجماعة الحاكمة سلطتها. فإما أن تتعرض لغزو خارجي، أو أن تحكم على نحو عديم الكفاءة إلى حد يجعل الجماهير تتحرك وتثور عليها، أو أن تسمح بوجود طبقة وسطى قوية غير منضبطة، أو أن تفقد ثقتها بنفسها وتفقد إرادتها في الحكم. إن هذه الأسباب لا تعمل منفصلة. بل إن كلاً منها، وهذه قاعدة، يكون حاضراً بدرجة ما. وتظل الطبقة الحاكمة التي تتمكن من اتخاذ احتياطاتها إزاء هذه الأسباب كلها في السلطة من غير نهاية. على أن الموقف الذهني للطبقة الحاكمة نفسها يظل هو العامل المحدِّد في نهاية المطاف.

أن أعباء الزعامة سهلة أو هينة أو أنها من الأمور التى تبعث على السعادة! إن الرفيق نابليون هو أول من يؤمن بأن الحيوانات كلها سواسية، وكان بوده أن يترك لها حرية اتخاذ القرارات إلا أنه يخشى عليها مغبة اتخاذ الحلول الخاطئة!

Leave a Comment

ناقةُ صالحة – سعود السنعوسي- رواية

5/5

“ومنزلك قلبي وأنا لولا الخَلوج
ما أترك دياري لديرة صالحة”

سبق أن قرات للكاتب “ساق البامبو” و”فئران أمي حصة”، وعدا عن أول اعماله “سجين المرايا” فالكاتب لم يخيب ظني أبداً.

سعود السنعوسي رغم أنه كاتب شاب إلا ان تمكنه من اللغة العربية مُبهر، يجعلك تستمتع باللغة المكتوبة بنفس قدر استمتاعك بالرواية وأحداثها.

في هذه الرواية الصغير (النوفيلا) يصنع الكاتب عالماً جديد بعيداً عن المدينة -كسابق أعماله- عالم صحراوي بدوي في كل شيء، سواء في اللغة أو العادات أو تعامل الانسان مع الحيوان. ونسج لنا قصة حب رائعة. انهيت الرواية في جلسة واحدة وللأسف كنت حزين لانتهائي من الرواية. ويا لها من نهاية أدمعت عيني بحق.

الغلاف للرسامة الكويتية “مشاعل الفيصل” وكعادتها مع روايات سعود السنعوسي، أتى الغلاف رائع جداً.

ملحوظة: أحداث وشخصيات الراوية هي من خيال الكاتب وليست واقعية، لأني شاهدت اشخاصاً اعتقدوا بأن الرواية مستلهمة من أحداث تاريخية وذلك بسبب الحيلة الأدبية التي قام بها الكاتب في آخر الرواية. ويمكنكم مشاهدة الكاتب بنفسه وهو يؤكد هذا الكلام اثناء حفل توقيع الرواية في مصر في مكتبة تنمية: سعود السنعوسي: استلهمت “ناقة صالحة” من أغنية تراثية

Leave a Comment

عاملة المنزل – كاثرين ستوكيت – رواية

عاملة المنزل

التقييم 4/5

الحدود بين ذوي البشرة الملونة وذوي البشرة البيضاء غير موجودة… لقد اخترعها بعض الأشخاص منذ زمن بعيد وقام البيض التافهون وسيدات المجتمع أيضاً بتبنيها

صدرت الرواية باللغة الانجيليزية عام 2009 وسرعان ما تحولت إلى فيلم سينيمائي في عام 2011. تتحدث الرواية عن قضية الفصل العنصري بين البيض وذوي البشرة الملونة في فترة الستينيات من القرن العشرين في ولاية ميسيسيبي بأمريكا (وقت سطوع نجم حركة الحقوق المدنية بقيادة “مارتن لوثر كينج”).

ولكن هذه المرة أبطال الرواية ليسوا قائدي حركة الحقوق المدنية ولا ممن يطالبون بالمساواة… أبطال الرواية كانوا هم عاملات المنازل، القائمين على تنظيف البيت ورعاية الأطفال. ومن هنا كان سبب حبي للرواية. أن تعرف الشخص الخفي، الذي لا تراه ولا تشعر به بل ويتيح لك رؤية العالم من خلاله.

أبطال الرواية الرئيسيين هم ثلاثة نساء، الاولى بيضاء البشرة واسمها “سكيتر” والثانية والثالثة ملوني البشرة “آيبيلين” و”ميني”. نشأت “سكيتر” في بيت لأب يملك مزارع قطن، ولكنها عائلة ليست قاسية أو عنصرية بمعدل كبير، فكانت دائماً المعاملة حسنة لكل العالمين معهم، وتربت “سكيتر” على يد خادمتها “كونستانتين” والتي تفاجأت سكيتر بعد عودتها من الدراسة الجامعية التي امتدت أربع سنوات أن خادمتها المحبوبة قد غادرت، لا تعرف منذ متى ولا تعرف السبب، ولا أحد يريد أن يخبرها!

تبدأ “سكيتر” رحلة البحث عن سبب رحيل خادمتها (مربيتها) أثناء مطاردتها لحلمها بالعمل في مجال الصحافة لتصبح كاتبة، وتسطير عليها فكرة الكتابة عن الأشياء المسكوت عنها، مثل كيف يعيش عاملات المنزل حياتهم في ظل هذه الظروف؟ ما هو شعور عاملة المنزل وهي تربي أطفال ذوي البشرة البيضاء في حين أن أطفالها هي لا تجد الوقت الكافي لرعايتهم؟ ومن هنا تقابل “سكيتر” باقي أبطال القصة لتسمع وتكتشف عالم آخر تماماً لا تعرف عنه شيء.

حسب المؤلفة فالرواية ليست فقط عن العنصرية والحقوق المدنية، ولكنها عن طبيعة العلاقة بين الموظف ورئيسه في العمل، فلقد نشأت المؤلفة في بيت به خادمة ولكنهم كانوا يحبونها ولا يعاملونها مثلما قد يتخيل القارئ، وتقول أنه بالرغم من أن خادمتهم كانت تتلقى أجر لكي تحبهم، إلا انها تعلم يقيناً أن خادمتهم كانت تحبهم، “فنحن كنا أطفالها” خاصة شقيق الكاتبة الأصغر.

أتمنى في يوم ما صدور رواية تناقش نفس الفكرة ولكن في المجتمع المصري، مثل ما حدث في الكويت من خلال رواية “ساق البامبو” للكاتب “سعود السنعوسي”. وإن كنت تتعجب من طلبي، فأنا أتحدث عن معاملة المصري للشخص ذوي البشرة الداكنة أكثر منه، ولا أقصد فقط أبناء السودان وأثيوبيا والصومال، ولكن أقصد نظرة المجتمع العنصرية تجاه النوبة وربطهم (بسبب أعمال السينما المصري) بوظيفة الخادم أو حارس العقار. أنا نفسي رأيت معاملة المصريين للكثير من أبناء السودان أو ذوي البشرة الداكنة أثناء فترة عملي في منطقة الحي العاشر بالقاهرة، وكيف يتم البصق عليهم وسبّهم والانتهاك الجسدي واللفظي الذي يلقونه من المصريين من صغيرهم وكبيرهم.

الرواية حجمها كبير (660 صفحة) والترجمة لا بأس بها، ولكن أثناء القراءة كان عندي شعور بأن الرواية أجمل في لغتها الأصلية (الانجليزية). ولكن ولأنها من الروايات الدرامية، فلقد استمتعت ببناء الشخصيات والعالم المحيط بكل شخصية. وللحق الفيلم كان لا بأس به، كان أداء الممثلة التي تقوم بدور آيبيلين وميني وشخصية “هيلي” رائع جداً.

الغلاف بسيط. والترجمة كانت تحتاج لمزيد من الاخراج الفني.

ترجمة: حسان البستاني
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
الطبعة الاولى 2010
عدد الصفحات: 660
الترقيم الدولي: 9789953879864

Leave a Comment

أعجوبة – ار. جيه. بالاسيو – رواية

اعجوبة

التقييم 5/5

 

“إذا خُيِّرت بين الصواب والطيبة. اختر الطيبة” -واين ولتر داير

كنت أعرف عن الرواية منذ مدة طويلة ولكن بما انها باللغة الإنجليزية فلم أستطع قرائتها، ولكن بعد أن تحولت إلى فيلم سينيمائي بطولة الرائعة (جوليا روبرتس) بحثت عنها مرة أخرى لأجد الترجمة العربية والتي استمتعت بقرائتها بشدة.
رأيت بعض المراجعات تنتقد الاسلوب السطحي للسرد وأنه لا يوجد “حبكة” في الرواية، ولكن من وجهة نظري ان ذلك يرجع إلى أنها موجّهة في الأساس للأطفال وليس للشباب أو الكبار.

“هلّا وضعنا قاعدة جديدة للحياة… أن نحاول دائماً أن نكون أكثر طيبة مما ينبغي؟” – جيه إم باري، كتاب الطائر الأبيض الصغير

الرواية تناقش موضوع مؤلم يُعاني منه العالم عامة والمجتمع الأمريكي خاصة، هو ظاهر “التنمر – Bulling”، ويلقي الضوء من خلال “أوجست” الطفل ذو الوجه غير الطبيعي نظراً لمرض وراثي جعله يخضع لأكثر من 20 عملية جراحية فقط ليسطيع الكلام والتنفس والسمع. وأول سنه له في الصف الخامس (أظن أنها تساوي الصف الأول الإعدادي في نظامنا التعليمي) بعد أن ظل في المنزل تُدرِّس له أمه. والكاتبة أستلهمت فكرة الرواية من موقف شخصي، حيث كانت في أحد الأيام أمام محل أيس كريم ومعها أطفالها وكانت هناك فتاه وجهها مشوّه، وهو ما أخاف أطفالها وجعلهم يبكون، فأخذت أطفالها وغادرت سريعاً، وفي تلك الليلة أتت لها قصة الرواية وملامح أبطالها.

الرواية مكتوبة بلغة بسيطة، وبالتحديد مكتوبة بطريقة المذكرات الشخصية، وكأن كل بطل في الراوية يحكي القصة من وجهة نظره، وبالتالي عندما تجد أن السرد بسيط جداً والجُمل والفقرات والفصول قصيرة، فذلك يرجع لأن الذي يتحدث هو طفل صغير. ولذلك قراءة الرواية -رغم حجم الرواية الكبير- إلا ان قرائتها سريعة.

يجب أيضاً أن أشكر المُترجم “ايهاب عبد الحميد على الترجمة الرائعة. وكأني أقرأ الرواية في لغتها الأصلية. وصراحة أعجبني بشدة ترجمته لكلمة (OK، Right) = طيب. لأني شعرت أنها التعبير المناسب الذي سيقوله طفل بدلاً من (حسناً). ولمن لا يعرف من هو المترجم، فهو صاحب الترجمة الرائعة لرواية “عدّاء الطائرة الورقية” ورواية “ألف شمس ساطعة”

لمن لا يحب القراءة يمكنه مشاهدة الفيلم الأجنبي من ترجمة “علي طلال و أحمد السيد”، فهو نسخة طبق الأصل من الرواية ما عدا مشهد واحد لم يكن موجود بالرواية، ولكنه هو المشهد الأفضل بالنسبة لي سواء في الرواية أو في الفيلم.

[ـ لمَ يجب عليّ أن أكون قبيحًا جدًا؟
ـ أنّك لست قبيحًا، يا (أوجي).
– فقط تقولين هذا لأنّكِ أمي.
– لأنّي أمك، هذا لا يهم؟
– أجل.
– لأنّي أمك، فهذا مهم جدًا. لأنّي أعرف افضل من الآخرين. أنت لست قبيحًا وأيّ أحد يهتم في معرفتك سيرى ذلك ايضًا.
– أنهم لا يتحدثون إليّ حتى، لأنّي أبدو مختلفًا عنهم. أحاول أن أتظاهر أنّي لست مختلفًا، لكني حقًا مختلف.
– أعرف.
– هل سيكون مهم دومًا؟
– لا أعرف.
– أستمع، يا عزيزي… أنظر إليّ. جميعنا لدينا علامات على وجوهنا. لديّ هذه التجاعيد هنا، من عمليتك الجراحية الأولى. لديّ هذه التجاعيد هنا، من عمليتك الجراحية الاخيرة. هذه هي الخريطة التي ترشدنا إلى المكان الذي نسلكه، وهذه هي الخريطة التي ترشدنا، إلى المكان الذي كنا فيه. وأنها ليست قبيحة ابدًا.]

ترجمة: ايهاب عبد الحميد
الناشر: دار جامعة حمد بن خليفة للنشر
الطبعة الثالثة 2017
عدد الصفحات: 430
الترقيم الدولي: 9789927101137

Leave a Comment

الأصل – دان براون – رواية

scan0001

التقييم 5/5

اذاً اسمح لي أن أطرح عليك هذا السؤال الشهير: هل تفضّل العيش في عالم بلا تكنولوجيا… أم في عالم بلا دين؟ هل تفضل العيش من دون دواء، وكهرباء، ووسائل نقل، ومضادّات حيوية…أم من دون زعماء الدين الذين يشنّون حروباً ذات أسس واهنة؟

“إدموند كيرش”. العالم المستقبلي الشهير والملحد وأحد تلاميذ “روبرت لانغدون”. يجتمع سراً مع ثلاثة قيادات لأشهر ثلاث ديانات في العالم (اليهودية والمسيحية والاسلام) ليعرض عليهم أحدث اكتشافاته قبل أن يعرضها على العالم والذي سيسبّب زعزعة إيمان المؤمنين في العالم أجمع وسيكون تأثيره مثل نظرية كوبرنيكوس وداروين. وفي مؤتمر صحفي أقامه في متحف “غوغنهايم” للفن الحديث وأثناء عرضه لإكتشافه يحدث ما لم يكن في الحسبان، ليجد روبرت لانغدون وأمبرا فيدال (أمينة المتحف وخطيبة ولي عهد أسبانيا) أنفسهم مُطاردين من قبل أشخاص يريدون إخفاء اكتشاف “إدموند كيرش” بأي ثمن.

الرواية لسيت من النوع “الأكشن” والذي تعودنا عليه من دان براون، ولكنها أقرب ميلاً للفلسفة والعلوم، ولذلك قد تجدها في بعض المواضع مملة قليلاً خاصة آخر 70 صفحة. ولكن بلا أدنى شك لا تقل عن المستوى الذي عودنا عليه دان براون. السرد الرائع والمعلومات الشيقة والحبكات التي تجعلك حتى آخر صفحة تكون في حالة صدمة.

“الدين بدون علم يصبح مجرد أسطورة، والعلم بدون دين يصبح مجرد نظرية مادية -الميرزا حسين علي النوري المازندراني”

دان براون في هذه الرواية يمسك العصا من المنتصف، لا يدعو للإلحاد ولا يدعو للتدين. هو يعرض وجهات نظر كل فريق بإحترافيه. يوجه رسالة للعالم من خلال محاضرة إدموند كيرش إلى التوحد على نقطة إلتقاء واحدة وهي العلم. لا يجب أن يموت الناس بسبب انتمائهم الديني، وأيضاً لا يجب أن يقتل الناس لذلك. في عالم المستقبل حيث التكنولوجيا والتقدم العلمي المتسارع ستزداد الحاجة للدين. العالم بحاجة دائمة مع كل تقدم علمي بأن يقف بجانبه الدين. البوصلة الأخلاقية والروحية التي تساعده للأ يحيد عن هدفه.

في رأيي الشخصي الرواية لا تهاجم الدين ولكنها تهاجم المتعصبين.

في نهاية الرواية يعترف الملك لإبنه الأمير جوليان بسر. في الواقع أظن أن دان براون تعمَّد أن يكتب ذلك لإغاظة الكاثوليك فقط لا غير (ستعرف عندما تصل لنهاية الرواية).

  • الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
  • الطبعة الأولى: يناير 2018
  • عدد الصفحات: 462
  • الترقيم الدولي: 9786140124257
Leave a Comment

شآبيب – أحمد خالد توفيق – رواية

شابيب

التقييم 4/5

هكذا استعان بأستاذ تاريخ هو أحمد صفوان وأستاذ أديان مقارنة وأديب، كلهم من العرب المقيمين في الولايات، قال لهم:  أريد تاريخًا مزيفًا!

تُذكرك الرواية برائعة الكاتب السابقة “يوتوبيا” ولكن هذه المرة على نطاق بلاد كبيرة. في هذه الرواية أشعر بغضب أحمد خالد توفيق من كل شيء. من افتخار العرب المُبالغ فيه بماضيهم. من افتخار الغرب من بحاضرهم. من افتخار كل جاهل بالتاريخ.

الرواية تتحدث عن العرب “الشِتات” على وزن “اليهود الشِتات”، كل من ترك بلاده متوجهاً لبلاد الغرب “الكافر” بحثاً  عن حياة أفضل، تعليم أفضل. بحثاً عن كرامة. ماذا سيحدث لو تركت كل شيء وبدأت من جديد؟

قام أحمد خالد توفيق في هذه الرواية بتبنّي فكرة ما وأخذ يعطيها أساس فلسفي ومنطقي، مثلما فعل “دان براون” في رواية “الجحيم” عندما طرح فكرة التخلص من 1/3 (ثلث) عدد البشرية حتى يعود التوازن بين عدد الناس والموارد المُتاحة. هنا أيضاً يقوم الكاتب في شآبيب في أخذ فكرة ماذا لو أقنعنا كل العرب المُهاجرين أن يتجمعوا في دولة جديدة، ويبدأوا من جديد؟

لكن كيف سيقوم بإقناع كافة العرب بذلك وكل منهم وجد الزوجة والوظيفة والواقع الكريم بل والمستقبل أيضاً؟

كان يقولها لنفسه، ويتساءل بجدية وهو يتأمل صورة جمال حمدان على غلاف كتابه الموسوعي الشهير، أو يقلب كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت: كل الدول دخلت لعبة الكراسي الموسيقية هذه لعبتها الإمبراطورية الرومانية.. لعبها العرب.. لعبها الفرس.. لعبها البريطانيون.. لعبها الإغريق.. لعبها الفرنسيون وفي النهاية توقفت الموسيقى فجأة، لكن ظل هناك مقعد محترم جلست عليه كل دولة. الإمبراطورية الرومانية ما زالت هي إيطاليا، وهي إلى حد ما دولة متقدمة محترمة برغم أنها صغيرة متواضعة الإقتصاد، والإمبراطورية الإغريقية هي اليونان برغم كل شئ.. الإمبراطورية البريطانية صارت هي إنجلترا وهي ما زالت قوة نووية عظمى.
لكن لماذا بربك لم يبق أي مقعد للإمبراطورية العربية؟ هي اللاعب الوحيد الذي راح يدور حول الجالسين باحثاً بضحكة بلهاء عن أي موضع.. لعل هناك من ينزاح قليلاً أو يسمح له بطرف مقعد.

هل مشكلة العرب هي العرب أم الغرب؟ الرواية أيضاً ستجعلك حزيناً على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. على واقعنا. الرواية درامية ولذلك ايقاع الأحداث أبطيء مما تعودنا عليه للكتاب.

من الصعب أن تستمر دولة في محيط مُعادٍ مهما طال الزمن، خاصة أنها تعتمد على وهم لإثبات حقها.. لا يوجد سبيل للاستقرار لأي دولة سوى الاندماج والتعايش وقبول الآخر.
ربما فشلنا كذلك بسبب الخلافات العِرقية والدينية.. مشكلة العرب الدائمة هي صراعاتهم الداخلية، والوهم الذي يعتقده كل فريق.. أن بوسعه إبادة الفريق الآخر، وبعدها يحارب الأعداء. لكن الحقيقة أن القتال يستمر للأبد ولا ينتهي أبداً، بينما يزداد الخصوم قوة.

لأول مرة منذ زمن أردت أن تكون الرواية أطول من ذلك، كنت أتوقع المزيد مع كل تك الشخصيات، المزيد من الأحداث، ولكن بمجرد ما حدث لمكرم كانت الرواية تنتهي سريعاً جداً.

  • تصميم الغلاف: كريم آدم
  • الناشر: دار الشروق
  • الطبعة الأولى 2016
  • عدد الصفحات: 265
  • الترقيم الدولي: 9789770934562
Leave a Comment

المسكون – تامر عطوة- رواية للكبار فقط +18

التقييم 4/5

القبور مليئة بجثث المتورطين

ثاني عمل لي مع “تامر عطوة” بعد رواية شقة الهرم. وللمرة الثانية يؤكد لي تامر انه كاتب رعب مصري جيد جداً. في الواقع اعتقد انه من حيث الحبكة واللغة والسرد يتساوي مع “حسن الجندي”، فالاثنان كاتبان رائعان.

ما يًميّز تامر عطوة انه كاتب رعب “مصري”. على عكس أستاذنا “أحمد خالد توفيق” فهو كاتب رعب عالمي وليس مصري خالص. ولأننا بداخل ثقافة إسلامية فالحديث عن الجن والسحرة والشيطاين والأعمال هو ما يثير رعبنا أكثر من مصاصي الدماء.

تامر يضع شخصيته في رواياته، سواء شقة الهرم أو وسط البلد أو المسكون فهو البطل الذي يحكي ما حدث معه وكأنها مذكراته الشخصية، وهو بارع في ذلك.

الرواية ثقيلة جداً فبالرغم عدد صفحاتها الـ 265 صفحة إلا ان الكتابة خطها صغير وبالتالي الصفحة تحتوي على عدد كلمات كبير.  الرواية لها أكثر من خط درامي والكثير من أسماء الشخصيات والأحداث فأنت ستشعر بالارتباك وعدم الترابط في البداية، ولكن كلما تعمقت في الرواية تتشابك وتتقاطع تلك الخيوط وتتضح في النهاية نقطة تقاطعها جميعاً.

الرواية تتحدث عن رجل الأعمال “معتز” الذي كان ملء السمع والبصر، ولكن الدنيا أدارت له وجهها الآخر بعد موت ابنته في حادثة اختطاف وخيانة زوجته له مع شريكة وأعز أصدقائه. ليجد نفسه بلا زوجة أو ابنة أو مال، فيؤدي به يأسه إلى أن يعقد صفقة مع الشيطان لينتقم.

الرواية “للكبار فقط” +18، ليس فقط بسبب انها رعب ولكن لاحتوائها على مشاهد جنسية كثيرة. وهو شيء يثير تعجبي من “تامر”، مثله مثل الكاتب “علاء الأسواني” فهما كاتبان جيدان ولا يحتاجان للمشاهد الجنسية الكثيرة لملء الأحداث! ولكن في حالة هذه الرواية أعتقد ان الفكرة القائمة عليها هو أن شخصياتها كان العامل المشرك في ترابطهم جميعهم هو الجنس (وهو ما ستعرفه في نهاية الرواية)، فكل الشخصيات يعرفون بعضهم بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الجنس.

أيضاً “تامر عطوة” دائماً يقدم لنا مشاهد مقززة عندما يتعلق الأمر بالدجالين أو السحرة وعالم الأعمال، وقد يكون ذلك عن قصد لكيما يجعل القارئ يشمئز من هذه الأمور ولا ينظر لتلك الأشياء بالإعجاب.

ليس كل الخيوط الدرامية في الرواية لها نهاية، فهناك شخصيات لها نهاية مفتوحة. وكنت أتمنى أن يكون لقاء معتز مع الشيخ علي أبو الشرا.. أكثر وصفاً وإطالة من ذلك، لأن هذا من المفترض ثاني أكثر مشهد مهم في الرواية كلها.

إن كنت شخص يخاف من قصص الجن. إن كنت شخص تشمئز من المشاهد المقززة. إن كنت شخص لا تحب المشاهد الجنسية الفاحشة. فلا تقرأ الرواية.

غلاف الكتاب رغم أنه جيد (بعكس كل روايات الرعب تقريباً التي نُشرت -باستثناء رواية ابتسم فأنت ميت لحسن الجندي) إلا أنه غير مرتبط بالرواية!

آخر شيء هناك جملتان لم أجدد لهم مُبرر في الرواية. الأولى في بداية الرواية عندما تصف أحد الشخصيات أن زوجها يشرب في اليوم الواحد “جالون” من الخمرة، ولا أعرف ما علاقة وحدة قياس السوائل الأمريكية برواية مصرية! كان المفروض استخدام اللتر.

أما الجملة الثانية وهي الأعجب، في صفحة 199 يقول تامر عطوة واصفاً الشيخ “حشمت” [وسر بشرته البيضاء أن أمه كانت قبطية] ما علاقته ديانة الأم بلون البشرة؟!!

  • مراجع لغوي: سارة صلاح
  • تصميم الغلاف: كريم آدم
  • الناشر: نون للنشر والتوزيع
  • الطبعة الأولى 2016
  • عدد الصفحات: 265
  • الترقيم الدولي: 9789777780971
Leave a Comment

هكذا كانت الوحدة – خوان خوسيه مياس – رواية

هكذا كانت الوحدة

التقييم 5/5

ظل أخوها بعض الوقت في المنزل، ولكن محاولات كليهما في التواصل باءت بالفشل. كان الأمر كما لو أنهما منذ زمن بعيد كانا ينتميان إلى نفس الوطن، ولكن الحياة شتّتَتّهما مُجبرة إياهما على اكتساب ملامح وعادات أو تصرفات غريبة حوّلتهما إلى آخرين دون أن يصلا بذلك إلى فقدان الذاكرة لما كانا عليه. ولكن تلك الذاكرة ليس لها فائدة أخرى سوى أن تغذي ضمير الفقدان والتأكيد على استحالة استعادة عادات الوطن الأول، حيث كانا يملكان سمات قادرة على استحضار عالم خالص، أرض مشتركة كان التبادل فيها مازال ممكناً.

بعد موت “إيلينا” الجدة، تقوم “إيلينا” بإعادة اكتشاف والدتها من جديد من خلال مذكرات شخصية اكتشفتها في بقايا منزل أمها. التي كان نصيبها من بقايا “امّها” كرسي وساعة.

إيلينا تعاني من الوحدة بعدما انسحبت من حياتها العميلة. انسحبت من كل شيء تقريباً، فعلاقتها بزوجها وابنتها واخوتها ليست جيدة. انسحبت من حياتها العملية. انسحبت من حياتها العاطفية. كل ما تقوم به هو تدخين الحشيش والنوم، ولكن مع معاناة في جهازها الهضمي تبدأ إيلينا في محاولة أخيرة بإعادة تقييم شاملة لحياتها.

الرواية تعتمد على وصف المشاعر، وهي جيدة جداً في ذلك. الرواية بها جرعة إنسانية رائعة لمن يُعاني بالاكتئاب.

رواية صغيرة الحجم، والترجمة جيدة.

  • ترجمة: ناريمان الشاملي
  • الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب – سلسلة الجوائز
  • الطبعة الأولى 2009
  • عدد الصفحات: 184
  • الترقيم الدولي: 9789774206858
Leave a Comment

شقة الهرم – تامر عطوة – رواية للكبار فقط +18

شقة-الهرم-تامر-عطوة-1

التقييم 3/5

أول عمل أقرأه لـ “تامر عطوة” وبالتأكيد لن يكون الأخير.

رواية رعب مصرية بامتياز. تتحدث عن مذكرات شخصية للكاتب “تامر عطوة” -أو هكذا يقول- عندما استقل عن بيت أهله ليعيش وحيداً في شقة يستأجرها من الحاج “جابر” في شارع الهرم. ولكن ما لا يعرفه “تامر” وما لم يخبره أحد به قبل أن يستأجرها هي أن الشقة بها “جن”، ولكنه سيكتشف ذلك بنفسه وبأسوأ طريقة.

أول 100 صفحة من الرواية أو الثلث الأول من الرواية كان ممتاز جداً، مرعب جداً، مشوِّق جداً. ولكن ما أن بدأت شخصية مثل “الراقصة” ووصف الكاتب لها وكأنه “ردح”. والعلاقة بين الساحر “يوسف الهزاع وكيندار”، وعلاقته هو ” تامر بالجنّية نائيل”، وبدأت الرواية تثير “قرفي” بدلاً من رعبي. كل السحرة في الرواية “معفنيين”، لا أحد يستحم ولا يحلق شعره وملابسة مقطّعة، ونتبعث منهم الرائحة العفة طوال الوقت!

الرواية تنقسم لـ 20 فصل، وقبل كل فصل يوجد “صورة” من المفترض انها تعبّر عن محتوى الفصل القادم، ولكن للأسف الصورة متأثرة بالثقافة الغربية أكثر منها الثقافة المصري (عكس الجو العام للرواية) وأيضاً اسم كل فصل يصلح لفصول في كتاب ساخر وليس رواية رعب.

نهاية الساحر “يوسف” عبارة عن فيلم هندي، ونهاية الرواية غير جيدة.

الرواية في العموم أحداثها متسارعة، ومكتوبة بطريقة جيدة تجعلك لا تريد ترك الرواية قبل أن تعرف النهاية. الرواية غير مملة ولغتها سهلة.

الكاتب من الكُتّاب الجيدين في مجال الرعب مثل “حسن الجندي” ومتلهف لقراءة أعمال أخرى لـ “تامر عطوة”.

الغلاف سيء لأبعد درجة.

الرواية لها جزء ثاني بمغامرة جديدة بعنوان “شقة وسط البلد”

2 تعليقان

كل هذا الهراء – عزالدين شكري فشير – رواية

كل هذا الهراء

 

التقييم 4/5

الأيام الخرا فايدتها النوم

“عمر فخر الدين” يقابل “عز الدين شكري فشير” ويُسلمه ملفات صوتيه فيها مذكراته اثناء الثورة وبعدها. ويطلب منه ينشرها في شكل رواية -رغم عدم اقتناع عمر بالفكرة- وذلك حسب تشجيع “أمل مفيد” له للقيام بذلك. ولأن المحتوى يحتوي على أشياء قد “تخدش” الحياء العام، والكاتب لا يريد الدخول للسجن بسبب رواية (كما حدث مع أحمد ناجي) فنشر تنويه ان قراءة الرواية غير إجبارية والرواية تحتوي على أشياء قد تخدش الحياء وعليه من يقرّر قراءة الرواية يتحمل المسؤلية كاملة 🙂

الرواية فعلياً أحداثها تبدأ بعد خروج “أمل مفيد” مصرية تحمل الجنسية الأمريكية، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان من السجن بعدما قضت سنة كاملة على خلفية القضية التي عُرفِت إعلامياً بـ “التمويل الأجنبي” أو “المنظمات الحقوقية”. وقد استطاعت الخروج بسبب تخلّيها عن “الجنسية المصرية” ولذلك يقيم لها أصدقائها حفلة بمناسبة خروجها وأيضاً بمناسبة توديعها لأنها ستسافر إلى أمريكا. وبعد خروجها من الحفلة وهي في حالة “سكر” تركب تاكسي يكون سائفه “عمر فخر الدين” وينتهي بها الأمر في الفراش سوياً. وهنا تبدأ الرواية”

تبدأ أولاً “أمل مفيد” في التعريف عن نفسها لـ “عمر فخر الدين” وهي بنت الرجل العسكري السابق والذي سافر بهما إلى أمريكا وهي في عمر السادسة ليكون وسيط في صفقات توريد السلاح وبعض الأنظمة التكنولوجية للجيش المصري. وتتخرج من كمحامية وتعمل في مجال حقوق الإنسان والمساعدات في أكثر من بلد وينتهي بها الأمر في أحد المنظمات الحقوقية في مصر وتدخل للسجن مع كثيرين على ذمة قضية تتهم المنظمات الحقوقية بالتمويل الخارجي غير القانوني.

ثم يبدأ “عمر فخر الدين” في الحديث عن نفسه. هو ابن لرجل إرهابي والذي تربى هو نفسه في “مزرعة شمال الخرطوم” التي انشأها الإرهابي “اسامة بن لادن” لتدريب وإعداد الإرهابيين. ويتورط الابن “عمر” في محاولة لتفجير مقر إجتماع القيادات الإرهابية للتخلص منهم بالتعاون مع ضابط أمن دولة مصري “أيمن”.

وبناء على طلب “أمل” لـ “عمر” أن يحكي لها ما حدث في البلاد طوال العام السابق أثناء سجنها، يبدأ عمر في الحديث عن قصص لأصدقائه خلال تلك الفترة، كيف دخلوا في الثورة وكيف انتهت بهم الدنيا. مرحلة تقلبات لشرائح مختلفة من المجتمع.

وقصص “عمر” تناقش شرائح مختلفة. ستجد الإسلامي والإرهابي والليبرالي والثوري. ستجد الألتراس وأمن الدولة. أي ستجد نفسك بالتأكيد في أحد تلك القصص أو قد تجدها في جميعها، وهي التي تمثل مرحلة انتقالك الفكري من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين.

الكاتب “عز الدين شكري” هو دبلوماسي سابق، ولغته الروائية رائعة وسهلة. ترتيب الأحداث مُبهر وتلخيصها أيضاً مُبهر. هذه الرواية هي الرابعة لي مع الكاتب (بعد: عناق على جسر بروكلين، وباب الخروج، وأسفار الفراعين). و هذه الرواية مثل باب الخروج و أسفار الفراعين، تتحدث عن الفساد الإداري (أو فساد النظام الحاكم) في مصر، سواء قبل قيام الثورة أو بعدها.

الرواية ستنعش ذاكرتك. نحن من عاصرنا ثورتين ونسينا ما حدث أو قد يكون عن قصد تناسينا ما حدث. الرواية هي لمحة سريعة عن الأحداث والأفكار والمبادئ التي مر بها كل من منا. من كان لا يعرف السياسة ثم أصبح ثورياً ثم تبنى الليبرالية (وهو لا يعرف معنى أن تكون ليبرالياً) ثم معارض لكل الأنظمة بحجة أن الثورة مستمرة و”يا نجيب حقهم يا نموت زيهم” ثم حالة اللامبالاة. ستجد المُتدّين والمتطرف والمتفتح والشاذ جنسياً والمنحل أخلاقياً والظالم والسادي والفاسد. سترى مصر بعيون كل هؤلاء.

“عز الدين شكري فشير” لم ينحاز في الرواية لأي وجهة نظر ولكن وقف على الحياد (ورغم اني أعتبر أنه تبنى وجهة نظر “عمر فخر الدين” وهي نظرة العارف بالأمور بحكم تربيته ونشأته وبالتالي أصبح ليس لديه أمل في المجتمع.

أنا لستُ بطلاً، وأكره القضايا الكبرى وأصحابها. لا شاركت في ثورة يناير ولا ضدها ولا فيما تلاها. ما أعرفه هو الاهتمام بمن أعرفه، بأصحابي وأقربائي ومن أستطيع مساعدته بيدي. أما الأفكار الكبيرة ومحاولات إصلاح الكون فليس لي فيها، ولا أحبها، ورأيي أنها تنتهي دوماً بكوارث. أبي أضاع حياته سعياً خلفها وطلعت أنا وحدي بلا أب ولا أم بسبب ذلك. شكراً جداً. وكل هؤلاء الذين يقتلون بعضهم بعضاً يفعلون ذلك باسم الإسلام أو الوطنية أو العدالة الاجتماعية. لا الإسلام ضاع ولا انتشر، ولا الوطن سقط ولا نهض. ولا العدالة الإجتماعية تحققت ولا غابت، لا هنا ولا في أي مكان في الدنيا. كل ما حدث أن الناس ماتت. على قدر معرفتي فإن الأمور تحدث حين يحين وقتها، حين تتوفر أسبابها، لا حين ينذر ناس حياتهم -أو حياة غيرهم- لتحقيقها. وبالتال كلما سمعت أو شاهدتُ شخصاً يدو الناس للتضحية من أجل قضية كبرى، قلت في سري: “ك..ك. أذهب واعتن بنفسك، أو بأطفالك، أو بجيرانك، أو افعل أي شيء مفيد

 

– لكن لِمَ لا تنخرط أنت في الحياة؟ هذا ما لا أفهمه. ألا ترغب في فعل أي شيء؟

– كما قلت لك؛ “الأيام الخرا فايدتها النوم”. وهذه أيام خرا، ومن ثَمَّ لا شيء يُفعل غير النوم. سأنام، في انتظار حدوث شيء ما.

– وإذا لم يحدث؟

– يكون الوقت قد مر.

– ألا تخشى من التعفن من كثرة النوم؟

– أخشى من التعفن؟ كل ما ترينه حولكِ هو جزء من هذا التعفن. هذا بالضبط ما أحاول قوله لك منذ الأمس، إننا تعفّنا، كلنا، بثورتنا وثورتنا المضادة، باختلافاتنا واتفاقاتنا، تعفّنا ببطء، ونواصل مسيرة التعفن بنجاح ساحق

ورغم أن الرواية تحتوي على مشاهد جنسية وألفاظ خارجة، ولكني لا اعتبرها مؤثرة في الرواية. فلو تم حذفها لما حدث أي اختلاف. الرواية تستحق القراءة، ونصيحة لو أنت ممكن لا تحب الألفاظ الخارجة أو المشاهد الجنسية في القراءة فلا تقرأ الرواية. وإن كنت تعتقد أنك ستقرأ عمل سياسي أو فلسفي عن الثورة فلا أنصحك بالقراءة.

“عز الدين شكري فشير” من الأقلام المتميزة جداً في هذا الوقت، ونعيب على أمثاله قلة إنتاجه. فهو يتركنا في مستنقع من الأدب الفاشل والذي تتسع مساحته مع الوقت.

المشكلة الوحيدة بالنسبة لي، هي “أمل مفيد” وهي تتفاجئ، فكل مرة تتفاجئ فيها تقول: يا للهول. تشعر وكأنها تحولت إلى “يوسف وهبه”.

الغلاف لا بأس به. بالرغم انه ليس سيء ولا جيد، ولكنه لا يُعبِّر عن الرواية.

رجاء إلى الدبلوماسي والروائي “عز الدين شكري فشير”، لا تغيب عنا فترات كبيرة.

Leave a Comment

أحمد خالد توفيق أحمد مراد إلحاد احمد شوقي ادمان اسلام سياسي اقتصاد الكويت اليف شافاق انتوني فلو باربارا جولد سميث تاريخ تامر عطوة تحميل تركيا تنمية بشرية جلال امين جون غرين حسن الجندي داروين رافي زكاراياس رعب رواية روي ابراهام فارجيس ساخر سعود السنعوسي سياسة سيرة ذاتية طفل عز الدين شكري فشير علم نفس علوم فيليب يانسي قصص قصيرة كتب ليو تولستوي ماري كوري محمد صادق محمد عصمت مخطوطة ابن اسحق مذكرات مسيحية مقالات نظرية التطور نوبل

%d مدونون معجبون بهذه: