تجاوز المحتوى

التصنيف: تاريخ وسياسة

النازية كعقيدة حقد – مينو تير براك

إن الحاقد يؤمن بقائد لم يُثبت قط قيادته لكن “هولندا بدونه بلا مستقبل” فيُحيل مسؤوليته لمهندس سابق يُشكل مصطلحاته وهيئته ووجهه على أمثلة أجنبية، كمثل الضفدعة في الأسطورة التي تنتفخ بالكبرياء الوطني

كتاب صغير جداً، للكاتب الهولندي “مينو تير براك – Menno ter Braak” وُلِدَ عام 1902م وانتحر عام 1940م عند غزو “هتلر” هولندا. كان الكاتب من القلة التي حذرت من صعود “النازية” كحركة قائمة على “الحقد والضغينة” وأن هدفها ليس سوى الخراب، وليس الديموقراطية أو المساواة كما تدّعي.

في أثناء قراءتي للكتاب استحضرني طوال الوقت ثلاث فئات أولاً “اليهود” وذلك لأن النازية أصلاً اتخذت اليهود كزريعة لتنسب إليها السبب في الفشل الاقتصادي والسياسي التي تمر به ليس فقط ألمانيا، ولكن أوروبا بشكل عام، وبالتالي بدأت الدعاية النازية في شيطنتهم، حتى ينزعوا عنهم صفة الإنسانية؛ وبالتالي يسهل عليهم “أي النازيين” التخلص منهم بدون مواجهة اعتراض سواء من الشعب الألماني أو المجتمع العالمي. الفئة الثانية هي “الإخوان المسلمون” في مصر، بعد ثورة 30 يونيو 2013 تصاعدت نبرة الحقد والضغينة ضدهم في المجتمع وعمل الإعلام والمتطرفين على تغذية مشاعر الكراهية من خلال نشرات الأخبار الرسمية والقنوات التليفزيونية، وتزايدت دعوات العنف والدعوة إلى قتلهم؛ مما أدى إلى “فض اعتصام رابعة العدوية” بالقوة العسكرية في 14 أغسطس 2013 ومنذ ذلك التاريخ -وحتى الآن- يتم تحميل كل الفشل الاقتصادي أو الأمني أو السياسي بشكل عام على جماعة “الإخوان المسلمون”. والفئة الثالثة هي “الفلسطينيون”، منذ النكبة عام 1948م تقوم الدعاية الصهيونية الإسرائيلية على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين بشكل خاص والعرب بشكل عام وتصوير الأمر وكأن “البشر” الإسرائيليين يحاربون ضد “الحيوانات” الفلسطينيين، وبسبب هذه الدعاية تكوَّن عند المجتمع الغربي صورة هي أن العرب يمارسون هولوكوست ضد اليهود، ويجب علينا أن نقف بجانبهم، ونساعدهم ضد هؤلاء الإرهابيين، يقصد الفلسطينيين والعرب عامة.

يرى “مينو تير براك” أن جميع العقائد تقوم بشكل أساسي على “الحقد والضغينة” ضد الآخر، سواء كانت تلك الأيدولوجية أو العقيدة نازية أو اشتراكية أو ديموقراطية. الضغينة تميل إلى الاختزال والتبسيط، ولا تُحمِّل صاحبها إلى مسؤولية، الأسهل على القائد أن يختزل فشله في الآخر. الفشل الاقتصادي سببه “اليهود” أو “الإخوان المسلون” وفقط. لا نحتاج إلى القيام بأي شيء آخر.

بعض الاقتباسات
[إذا ما ملك الحمقى زمام السلطة، سواء عبر الاقتراع العام أو الانقلاب العسكري، فكلاهما ملائم لتحويل الحمقى إلى طُغاة؛ سواء راق الأمر المثقفين المستنكفين أم ساءهم]

[لأن الحاقد يحيا بداخل مجموعة من العبارات التي توفّر له موقفاً تجاه ذاته وتجاه الآخرين، سواء كان إيمانه بالعبارات ثانوياً أم لا، الأمر الأهم أن العبارات لا تكف تكرار “البطولة” “الدم” “الاحترام” “المجتمع” حيث يسير الحقد على هذا النحو، ما يُسمى بعقيدة [التفوق] العرقي ليست سوى الواجهة الأسلوبية للضغينة المجسدة في كبش الفداء الأبدي، اليهودي]

[لأن الحاقد، الذي هو شبه متحضر أيضا، لا يمكن أن يكتشف في كذبه الكذب ولا في بنائه الوهم]

[إن التبسيط في ظل النازية يتحول إلى معيار لكل شيء؛ ولا يحتمل الديكتاتور النازي أي شكل من أشكال النقد، بل ويحول الحياة جحيمًا بالنسبة لأي شخص يرجو معايير الحرية قبل كل شيء، عبر السعي إلى تناقضات جديدة دائما، واكتشافات جديدة دائمًا؛ لا تنبني الحرية في النازية إلا على الحرية المطلقة لدكتاتور دولة الضغينة المطلقة]

[لهذا السبب يُمكننا أن نفترض أن أخشى ما تخشاه النازية كعقيدة حقد محض هو التفكك البطيء للأوهام الذي عادة ما تنتجه رؤى العالم الاختزالية في النهاية حتى بين أكثر الناس بلاهة؛ حين يدركون أن نفي اليهود، والإيمان ببروتوكولات حكماء صهيون والنواح خوفًا من “البلشفية العالمية” شعارات لم تعد تروي. ظمأ الضغينة أكثر من أية وسيلة أخرى، ويمكنني الآن أن أتصور بالتقريب في أي صورة سيكون ثأر الضغينة حين تنقلب على أنبياء الضغينة وصُنّاع معجزاتها، “القادة”، حين تنتهي النبوة وتنقطع المعجزات]

أخيراً، الترجمة رائعة.

ترجمة: مصطفى عبد الظاهر
الناشر: دار صفصافة للنشر
الطبعة الأولى 2021
عدد الصفحات 48
الترقيم الدولي 9789778211665

 

Leave a Comment

كيف نجتنب كارثة مناخية: الحلول المتوافرة والاختراقات اللازمة – بيل غيتس

التقييم 5/5

“عندما يكون لدينا وجهة نظر قائمة على الحقائق، بوسعنا أن نرى أن العالم ليس سيئاً كما يبدو وبوسعنا أنرى ما يتعيّن علينا القيام به للاستمرار في تحسين هذا العالم” -هانز روسلينغ

الميزة الرئيسية لهذا الكتاب هو أن المؤلف غير متخصّص علمياً في المناخ، ومن ثم لغة الكتاب سهلة. المؤلف كان يوماً ما في موضع القارئ، شخص يسمع طوال الوقت عن الاحتباس الحراري، ويرى من يُكذِب ومَن يؤيد، ويشاهد أمامه الكثير من الأرقام، ولا يفهم معظم من المصطلحات. ما هو الحجم الحقيقي للمشكلة وهل هي بحق كما يُصوره لنا علماء ونشطاء المُناخ؟

منذ بداية الثورة الصناعية والحديث عن تلوث المُناخ لا يهدأ، ولكن هذه المرة زاد على ذلك هو الحديث عن الاحتباس الحراري، ولذلك تقريباً جميع القوانين المتعلقة بالمُناخ، والتي صدرت في أعتاب الثورة الصناعية تتحدث عن مكافحة التلوث، وليس الاحتباس الحراري.

بداية جائحة كوفيد-19 وبسبب التوقف شبه التام لمعظم وسائل المواصلات والمصانع أدى ذلك إلى انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 4.5% وبدأ الحديث يرتفع مرة أخرى عن مدى تأثير ذلك على البيئة والكوكب بشكل عام. لكن لفت نظري هو الاتهامات التي كانت توجّه إلى الصين باعتبارها المُسبّب الأكبر في هذه الانبعاثات واتهامها بتلويث الكوكب وتحميلها مسؤولية الاحتباس الحراري بنسبة أكبر من أي دولة أخرى، وذلك لتوسعها في استخدام الوقود الأحفوري بشكل كبير مثل الفحم والغاز الطبيعي.

هنا شاهدتُ إجابتين مثيرتين على تلك الاتهامات، الأولى هي أن هذه الدول “المتقدمة” كل حضاراتها وتقدمها العلمي والتقني واقتصادها الكبير هو نتيجة لاستخدامهم الوقود الأحفوري منذ الثورة الصناعية حتى الآن، فهل يحق لتلك الدول أن تزدهر وتتقدّم ولا يحق لنا ذلك أيضاً؟

الإجابة الثانية هي أن الصين والتي تُوصَف -عن حق- بأنها أكبر مصنع في العالم؛ وبالتالي أكبر مستهلك للوقود الأحفوري إنما هي وصلت لهذا الوضع ببساطة؛ لأنها تصنع ما يستهلكه العالم أجمع وبشكل خاص أمريكا وأوروبا، وليس ما يستهلكه الصينيون! فالمصانع العملاقة التي في الصين الكثير منها أساساً مصانع أمريكية وأوروبية والكثير من المصانع الصينية تصنع منتجات يتم تصديرها وبيعها للأسواق العالمية وليس الصينية. فلماذا تعاقبني على شيء أنت السبب الرئيسي فيه؟!

الفصل 1: لماذا نقطة الصفر؟
يبدأ “بيل غيتس” بوضع الهدف الرئيسي الذي يجب على البشرية الوصول إليه وهو الوصول من 52 مليار طن إلى صفر، فالرقم الأول يعبر عن مجموع الغازات المسببة للاحتباس الحراري سنوياً والرقم الثاني هو الهدف الذي يطمح أن نصل له قبل حدوث كارثة. ويفسّر لماذا يجب أن يكون الرقم صفر، وليس مجرد تقليل الانبعاثات وما هو تأثير الاحتباس الحراري علينا وما الضرر في زيادة درجة حرارة الكوكب درجة واحدة أو اثنتان؟ وهل حقاً هناك رابط بين الأعاصير والفيضانات والحرائق وبين الاحتباس الحراري؟

الفصل 2: الدرب شاقّة
قد لا يُدرك الكثير مدى حجم اعتمادنا الهائل على الوقود الأحفوري (نفط – غاز طبيعي) في حياتنا اليومية، وهذا ليس فقط متعلقاً بالدول الحديثة أو الصناعية مثل أمريكا وأوروبا والصين، بل ومستقبل الكثير من الدول الفقيرة التي تطمح للخروج من دائرة الفقر وتحسين مستوى معيشتها. فهناك الكثير من البشر لا يملكون محطات لتنقية مياه الشرب أو الزراعة أو محطات توليد كهرباء سواء للاستخدام المنزلي أو لتشغيل المصانع أو المستشفيات، “إذ لا يسعنا أن نتوقّع من الفقير أن يبقى فقيراً؛ لأن انبعاثات الدول الثرية من غازات الاحتباس الحراري كانت كثيفة” هذا بدون حتى حساب الزيادة في استهلاك الوقود الأحفوري نتيجة الزيادة السكانية في العالم، والذي يتوقع أن تصل إلى 10 مليارات نسمة بحلول نهاية هذا القرن.

وهناك أمر آخر وهو أنه لا يوجد إجماع على كارثة الاحتباس الحراري، ولا نقصد العلماء هنا، بل السياسيين الذي لسان حال الكثير منهم “نعم، المناخ يتغيّر، ولكن الأمر لا يستحق إنفاق كثير من المال لمحاولة وقف التغيُّر المناخي أو التكيف معه. عليه، عوضاً عن ذلك، أن نعطي الأولوية لقضايا أخرى تترك تأثيراً أكبر على رفاه البشر، كالصحة والتعليم”.

الفصل 3: خمسة أسئلة تُطرح في الحوارات كافة بشأن المناخ
في هذا الفصل يشرح لنا المؤلف قيمة الأرقام حتى نُدرك ما وضعنا الحالي لكي ما نستطيع إيجاد حلول واقعية تمنع وقوع الكارثة. هناك 6 فئات رئيسية تمثل مجموع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهم على التوالي:
29% صناعة الأشياء (إسمنت وفولاذ وبلاستيك)
26% توصيل (الكهرباء)
22% زراعة النباتات (الأسمدة والبذور) وتربية الماشية والحيوانات
16% التنقل (طائرات وشاحنات وسفن)
7% الحفاظ على الدفء والبرودة (تدفئة وتكييف وتبريد)
ومن خلال الأرقام السابقة تستطيع أن ترى أن ما كنا نتخيله عن السيارات والطائرات انهما السبب الرئيسي في الاحتباس الحراري يتضح أنهم يساهمون بواقع 16% وهو أقل مما تسببه الكهرباء والنباتات! فطوال الوقت الصورة الذهنية التي لدينا عن الكهرباء أنها طاقة نظيفة ولكننا نغفل أن محطات توليد هذه الكهرباء تعمل بالوقود الأحفوري وكذلك الأمر في صناعة الأسمدة للنباتات أو الأعلاف للماشية، ناهيك عن مكونات البناء المُستخدمة من أسمنت وفولاذ وبلاستيك لبناء المصانع والبيوت والمستشفيات والطرق والكباري والأدوات المنزلية والبنية التحتية… الخ
لذلك في هذا الفصل ينبهنا المؤلف لضرورة الإجابة عن خمسة أسئلة محددة أثناء أي حديث عن الاحتباس الحراري ومواجهته. تلك الأسئلة ستكون بمثابة المُرشد لنا للوصول إلى الحلول الواقعية.

الفصل 4: الوصول بالقابس (26% من 52 مليار طن في السنة)
يركز “بيل غيتس” في هذا الفصل على “الكهرباء” والتي تساهم بنسبة 26% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويشرح لنا بشكل ممتع حجم المشكلة وحجم التحديات على الصعيد التكنولوجي والسياسي والاقتصادي. وما هي التقنيات المتوفرة لدينا في الحاضر لتوليد الطاقة الكهربائية وجدوى كل واحدة منهم بدئاً بالفحم والغاز الطبيعي ومرورا بالطاقة الشمسية والرياح ونهايةً بالطاقة النووية سواء انشطارية أو اندماجية.

الفصل 5: كيف نصنع الأشياء (29% من 52 مليار طن في السنة)
في هذا الفصل يشرح “بيل غيتس” بشكل أكثر تفصيلاً فكرة في غاية الأهمية، وهي “صناعة الأشياء” فعلى سبيل المثال نحن نريد أن تتحول جميع السيارات والسفن والقطارات والطائرات (وسائل التنقل والمواصلات) من استخدام الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة (أي الكهرباء بشكل أكثر تحديداً) ولكننا لا ندرك أننا نحتاج الوقود الأحفوري لصناعة جميع وسائل التنقل والمواصلات، وذلك لأن جميع تلك الأشياء وغيرها مصنوعة حصراً من الحديد والفولاذ والبلاستيك والألومنيوم والنحاس وغيرها من المعادن. نحن نحتاج إلى مادة الأسمنت (الخرسانة) والفولاذ لبناء الطرق والجسور والكباري والسكك الحديد وأبراج الهواتف الخلوية وأسلاك شبكة الإنترنت. نحن نحتاج البلاستيك بشكل رئيسي في صناعة الأدوات الطبية والجراحية ونظارات العيون والحواسب والشاشات… الخ

ويعرفنا أيضاً المؤلف مفهوم “العلاوة الخضراء” وكمثال يشرح ذلك المفهوم هو إذا كان لتر البنزين يساوي 1 دولار ولتر الوقود الحيوي يساوي 1.5 دولار، فإن الدولة تتحمل تكلفة الفرق بين سعر البنزين والوقود الحيوي (أي نصف دولار) مما قد يشجع الشركات والمستهلكين لاستخدام بدائل أفضل، ولكن العائق هو أن “العلاوة الخضراء” تختلف من صناعة لأخرى، وتتفاوت بشكل كبير جداً مما يجعلها شبه مستحيل تطبيقها.

الفصل 6: الزراعة وتربية الماشية (22% من 52 مليار طن في السنة)
كما سبق في الفصول السابقة ستندهش من معرفة أن جميع وسائل التنقل في العالم (سيارات وسفن وطائرات) يمثلون فقط 16% من حجم الانبعاثات الحرارية، وان وسائل التبريد والتكييف تمثل فقط 7%، أي أن جميع السيارات والسفن والطائرات ووسائل التبريد والتدفئة تمثل 23% من إجمالي الانبعاثات الحرارية، في حين أن الزراعة وتربية الماشية تمثل بمفردهاً 22%! ومع ذلك لا نسمع أحد يتحدث عن تقليل الزراعة أو التوقف عن تربية الماشية! هذا الفصل كان ثاني أكثر الفصول صدمة لي بعد الفصل الرابع الذي تحدث عن توليد الكهرباء.

الفصل 7: وسائل النقل (16% من 52 مليار طن في السنة)
في هذا الفصل بالتحديد شعرتُ وكأن “بيل غيتس” يقول لي، هل تتذكر كل المعلومات السابقة التي حدثتك عنها طوال الستة فصول السابقة عن أهمية الطاقة النظيفة وكارثة الاحتباس الحراري والانبعاثات؟ حسناً، كل هذه الحلول غير واقعية ومستحيل تطبيقها في الواقع!
لأن النظرة العامة هي ان المشكلة في السيارات التي تعمل بالبنزين، ولكن المشكلة أعمق من ذلك، فنسبة السيارات الخاصة لا تُقارن بنسبة نقل البضائع سواء سيارات أو القطارات أو السفن أو الطائرات ومدى ارتباطها بالتجارة العالمية من مواد خام ومواد غذائية وبترول وفحم… الخ

فالموضع أصعب مما نتخيل فالحضارة الإنسانية قامت على الوقود الأحفوري. كل ما نحن فيه الآن، أنظر حولك لترى الوقود الأحفوري في كل شيء، خرسانة وإسمنت ومعادن وبلاستيك وبنزين وفحم وكهرباء… في النظارة الطبية والثلاجة والموبايل والسيارة والمصعد والمقعد وحبه الدواء وصناعة الخبز والغذاء… كل ما يمكنك تخيله سواء في بحر أو بر أو سماء.

الفصل 8: وسائل التدفئة والتبريد (7% من 52 مليار طن سنوياً)
التدفئة والتبريد ليس يعني فقط أجهزة التكييف، ولكن يشمل أيضاً الأفران التي تعمل بالغاز الطبيعي (سواء لتدفئة المياه أو أفران صناعة الغذاء أو إنتاج مواد صناعية) وكما يقول الكاتب “لم يعدّ التكييف مجرّد ترف ممتع يساعد على تحمل أيام الصيف الحارة، بل أصبح الاقتصاد المعاصر يعتمد عليه”. لكن الميزة في هذا الفصل خاصة هو سهولة تقليل الانبعاثات بشكل كبير جداً فقط عن طريق الالتزام بالقوانين! فالتكنولوجيا في مجال التبريد خاصة وصل لمراحل متقدمة جداً، ولا يبقى غير أن تتبناها الشركات.

الفصل 9: التكيّف مع عالم أدفأ؟
عند سماع كلمة “الاحتباس الحراري” غالباً ما يتبادر إلى ذهن هو انصهار الجليد في القطب الشمالي والجنوبي وبالتالي زيادة منسوب المحيطات وحدوث فيضانات كبيرة وغرق الكثير من دول العالم، ولكن الاحتباس الحراري له أشكال كثيرة جداً بخلاف انصهار الجليد، فعلى سبيل المثال إذا كنت في دولة تعتمد الزراعة لديها على مياه الأمطار، فسيكون زيادة نسبة الأمطار كارثة ستؤدي إلى إغراق المحاصيل، أو إذا كنت في دولة لديها محاصيل تعتمد على المناخ الجاف، فحدوث الأمطار نتيجة للتغير المناخي هو بمثابة كارثة أيضاً. زيادة درجة الحرارة في بعض مناطق العالم ستؤدي إلى حدوث جفاف في التربة الزراعية؛ وبالتالي موت المحاصيل مما سيؤدي إلى تقليل كميات الغذاء المتاحة للأشخاص أو للحيوانات. نقص الغذاء عامة هو سبب رئيسي لضعف المناعة لدى البشر وبالتالي انتشار الأوبئة والأمراض وموت كثير من الأطفال نتيجة لسوء التغذية. هؤلاء الأطفال هم وقود المستقبل. اختلاف درجات الحرارة أيضاً -سواء بالزيادة أو النقصان- يؤثر على الكائنات البحرية بشكل مباشر، وبالطبع أنت ترى معي نتائج ذلك التأثير.

وهنا يستعرض الكاتب أحد أبرز المجموعات البحثية في الزراعة على مستوى العالم وبعض إنجازاتهم في مجال الزراعة في الدول الأفريقية من خلال تطوير محاصيل معدلة وراثياً وتدريب المزارعين واستحداث تقنيات زراعية جديدة، والتي أسهمت بتحسّن كبير في معيشة الأُسر هناك. ويستعرض أيضاً بعض التقنيات المُسماة بـ “الهندسة الجيولوجية” ودورها في مكافحة الاحتباس الحراري.

الفصل 10: أهمية السياسات الحكومية
شهدت الخمسينيات والستينيات القرن الماضي ضجة كبير حول تلوّث الهواء خاصة بعد الحادثة الشهيرة “الضبخان الكبير في لندن عام 1952” ونتج في تلك الفترة “قانون الهواء النظيف في أمريكا” وإنشاء “وكالة حماية البيئة” عام 1970. مما يوضّح أهمية دور الحكومات في وضع السياسات المنظمة، والتي أدت بالفعل إلى نتائج مبهرة في فترة زمنية قصيرة سواء في أمريكا أو لندن أو الصين… الخ ويضع “بيل غيتس” سبعة أهداف يجب أن تكون بمثابة الخطوط العريضة التي السعي إلى تحقيقها الحكومات بشكل خاص والأفراد والشركات بشكل عام.

  1. التركيز على الثغرة الاستثمارية.
  2. تكافؤ الفرص.
  3. تخطّي الحواجز غير السوقية.
  4. البقاء على اطّلاع على آخر المستجدات.
  5. التخطيط للمرحلة الانتقالية.
  6. القيام بالأشياء الصعبة أيضاً.
  7. العمل على تكامل التكنولوجيا والسياسات والأسواق.

الفصل 11: خطة لبلوغ نقطة الصفر
يضع الكاتب في هذا الفصل خطة عمل للدول الثرية للوصول إلى “الصفر” بحلول عام 2050، وعلى الرغم أنه يشير إلى هدف قمة المناخ بباريس بتقليل الانبعاثات الحرارية بحلول عام 2030 إلا أن الكاتب يرى أن الهدف يجب أن يكون “الصفر” وليس “التقليل” خاصة وأنه يرى بأن العام 2030 هو هدف غير واقعي. فحجم التغيير المطلوب إحداثه من قِبل الدول العظمة “الثرية” كبير جداً ويتطلب تمويلاً ضخماً جداً. فالمطلوب للوصول إلى “الصفر” بعض التقنيات (والتي ذكرها الكاتب في الفصول السابقة بالتفصيل) وهي:

  • إنتاج الهيدروجين من دون التسبّب بانبعاث الكربون
  • إمكانية تخزين الكهرباء على مستوى الشبكة لمدة فصل بكامله
  • وقود كهربائي
  • وقود حيوي متقدم
  • إسمنت خالٍ من الكربون
  • فولاذ خالٍ من الكربون
  • لحوم ومشتقات الحليب النباتية والمصنّعة
  • أسمدة خالية من الكربون
  • انشطار نووي من الجيل الثاني
  • انصهار نووي
  • التقاط الكربون (التقاط الكربون بشكل مباشر ونقاط الالتقاط)
  • إمداد الكهرباء تحت الأرض
  • بلاستيك خالٍ من الكربون
  • طاقة حرارية جوفية
  • تخزين حراري
  • طاقة كهرومائية بالضخ
  • محاصيل غذائية مقاومةٍ لحالات الجفاف والفيضانات
  • بدائل لزيت النخيل خالية من الكربون
  • مبّردات لا تحتوي على غازات مفلورة

تلك التقنيات تستلزم تمويل حكومي ضخم بالأساس، وذلك لأن الاستثمار في مجال الطاقة يحتاج إلى تمويل ضخم وذو مخاطر عالية وطويل الأمد؛ مما يجعله غير جاذب للقطاع الخاص. فيجب على حكومات الدول الثرية الإمساك بزمام المبادرة. وهذا ما يوضّحه الكاتب في نموذج عمل “يطبّقه على الولايات المتحدة الأمريكية” لكيفية الوصول إلى “الصفر” بحلول عام 2050.

الفصل 12: ما يمكن أن يفعله كلٌّ منّا
في هذا الفصل القصير جداً، والتي يُقدّم فيه الكاتب بعض النصائح التي يمكن أن نتبعها على مستوى الفرد (يقصد طبعاً الفرد في الدول الديموقراطية) والتي تبدأ بالأساس في الانخراط في السياسة، ويعني بذلك مثل التحدث إلى رؤساء البلديات والجالس التشريعية وأعضاء الكونجرس أو الترشّح لمنصب حكومي أو محلي يستطيع من خلاله إحداث فارق أو توصيل صوت.

يمكنك أيضاً المساهمة بصفتك “مستهلك”، فحاول على قدر الإمكان أن تختار البدائل الأفضل، فمثلاً إذا كنت تمتلك جهازاً يعمل بتكنولوجيا قديمة حاول استبداله بجهاز جديد ذو كفاءة أعلى، استبدل المصابيح الكهربائية لديك بمصابيح LED. عند بنائك لمنزلك استخدم مواد عازلة حرارياً لتتجنب استهلاك طاقة مستقبلاً سواء لتبريد المنزل إذا كنت من سكان المناطق الحارة، أو تدفئته إذا كنت من سكان المناطق الباردة. حاول تقليل استهلاكك للحوم ومنتجات الألبان. إذا كان لديك القدرة المالية قم بشراء سيارة كهربائية. قم بدعم الشركات التي تستخدم طاقة نظيفة عن طريق شراء منتجاتها. قم بتمويل المشاريع الناشئة التي تحاول إيجاد حلول لطاقة نظيفة.

للقطاع الخاص دوراً هاماً أيضاً، من خلال تبنيه مواد خام منخفضة الكربون. وعن طريق تمويله لبحوث تطوير تُزيد من كفاءة الطاقة النظيفة، فالكثير من الشركات الكبرى التزمت باستخدام الطاقة المتجددة والنظيفة في عملياتها التصنيعية واللوجستية مثل مايكروسوفت وأمازون وديزني وغوغل وميرسك MAERSK. إذا كُنت مُصنِّع لمنتج ما فحاول أن تتيح اختيار منخفض الكربون حتى وإن كان أغلى سعراً.

خاتمة: تغيُّر المُناخ وكوفيد-19
“علينا العمل معاً”… يمكننا أن نعتبرها كلاماً مُبتذلاً، ولكنها صحيحة. وجائحة كورونا شاهدة على ذلك، فعندما اتّحدت الشركات والحكومات معاً توصلنا لتطوير لقاحات واختبارها في وقت قياسي. لذلك علينا أن ندعم العلم. علينا أن نساعد المجتمعات لتبنّي الطاقة النظيفة، وذلك أيضاً لمصلحتنا الذاتية. لن تتوقف درجات الحرارة عن الارتفاع في ولاية تكساس إذا لم تتوقف الانبعاثات عن الارتفاع في الهند.

نحن في حاجة أيضاً للتخطيط للانتقال إلى مستقبل خالٍ من الانبعاثات، فالدول الفقيرة ستحتاج إلى مساعدة كبيرة. وهذا الانتقال سيُحدث اضطراباً في المجتمعات التي يعتمد اقتصادها على الوقود الأحفوري بشكل رئيسي مثل تعدين الفحم، أو صناعة الفولاذ، أو الأسمنت، أو صناعة السيارات. الكثير من سائقي الشاحنات أو عمال السكك الحديد أو عمال المناجم سيخسرون وظائفهم عند التقليل من استهلاك الفحم والوقود المخصص للتنقل. عليناً مسؤولية تجاه المستقبل وستكون هناك “تكلفة” علينا كبشر أن نكون مستعدين لسدادها.

أخيراً، الترجمة رائعة، وتصميم الغلاف سيئ.

ترجمة: فاديا قرعان
الناشر: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر
الطبعة الأولى 2022
عدد الصفحات 258
الترقيم الدولي 9786144585726

Leave a Comment

ضد التاريخ – مصطفى عبيد

التقييم 5/5

يقولون إن السياسي البريطاني المخضرم ونستون تشرشل (1874- 1965) مر ذات يوم بقبر ما مكتوب عليه: “هنا يرقد رجل السياسة والصادق العظيم فلان”، فتوقف وتساءل مندهشاً: “كيف يُدفن اثنان معاً في قبرٍ واحد”

يقدم الباحث “مصطفى عبيد” الجانب الآخر من السردية التاريخية المتعلقة ببعض أعلام مصر في تاريخها الحديث. هل كان “مصطفى كامل” بالفعل زعيماً مصرياً؟ ما علاقة يهود مصر بإسرائيل؟ وهل بالفعل كان “إسماعيل صدقي” عدواً للشعب؟ وماذا كان سيحدث إذا استمر “محمد نجيب” في الحكم بدلاً من “جمال عبدالناصر”؟ ماذا عن “سيد قطب” و”عبدالحليم حافظ” وقتلة الرئيس الراحل “محمد أنور السادات”؟

الكتاب مكتوب لغة سهلة وقرائته سريعة، لكن الفصل الوحيد الذي صدمني هو الفصل الأخير عن “سليمان خاطر”.

الغلاف جيد.

الناشر: الدار المصرية اللبنانية
الطبعة الثالثة: 2022
عدد الصفحات: 248
الترقيم الدولي: 9789777953498

Leave a Comment

الأسوأ لم يأت بعد: دليل ما بعد رأسمالي للنجاة – بيتر فليمنغ

التقييم 5/5

هل تعرفون الفرق ما بين المتفائل والمتشائم؟ يقوم المتشائم: “يا الله، لا يمكن أن تسوءَ الأمور أكثر من هذا، بينما يقول المتفائل: “لا تكتئب هكذا، يمكن دائمًا أن تصير الأمور أسوأ”. نكته انتشرت في مدينة سراييفو أثناء الحرب الاهلية.

يقول الكاتب “أكثر المجتمعات الصناعية تقدماً تجاوزت بالفعل مبادئ الرأسمالية، ومشغولة الآن بالتحوّل لشيء آخر” سيكون أسوأ بكثير من الرأسمالية، وأن فرصة نجاتنا ضئيلة جداً ولذلك يقدم لنا هذا الكتاب كمحاولة لمواجهة ما نحن مقدمون عليه. مشكلات مثل الاحتباس الحراري وذوبان جليد القطبين والأزمة المالية العالمية وصعود اليمين المتطرف… قد يقول بعض النقاد بأننا على الأرجح وصلنا إلى القاع وربما نحن في طريقنا إلى النهوض، ولكن ماذا لو كنا على اعتبار سقطة هائلة إلى عالم مظلم جديد؟!

للاسف كانت هناك في الماضي فرصة ذهبية للتطور وتجاوز الرأسمالية لنسخة أفضل ولكن قتلت “النيوليبرالية” أي فكرة مضادة للرأسمالية وأصبح كل شيء قابل للتسعير وخاضع لقيم السوق وتم تقييد يد الدولة. حتى الذكاء الصناعي الذي نأمل انه يعمل على تحسين جودة الحياة هناك اشارات واضحة بأننا بالفعل نستخدمه بأسوأ شكل ممكن وذلك من خلال استخدام الذكاء الصناعي في التسليح (عسكرة الذكاء الصناعي) على سبيل المثال “الطائرات بدون طيار” أو “الدرونز” المستخدمة في أفغانستان وسوريا أو بشكل أكبر حجماً مثل الغواصة الروسية “بوسيدون” التي بوسعها “أن تجوب العالم لسنوات دون أن تُكتشف… وبوسع ترسانتها توليد تسونامي بارتفاع 500 متر قادر على تلويث السواحل بالنظائر المشعة، وإغراض أساطيل العدو”.

إن طوروا ذكاءً اصطناعياً خارقاً، هل يمكن أن يتمرّد؟ التوقع المُقبِض أن الذكاء الاصطناعي غير الودود بالفعل قائم بالفعل وهناك حوادث لأجهزة أليكسا وسيارات تسلا الكهربائية وبعض الآلات في المصانع تقول أن “الخوف من تمرد الذكاء الاصطناعي وتدميره للكوكب ليس له أساس من الصحة. ما قد يتحقق هو وضع أقبح بكثير”.

“ركّز على الربح، واترك الاهتمام بحسن حال الإنسان للكنيسة والدولة” -الاقتصادي ميلتون فريدمان معترضاً على المسؤولية الاجتماعية للشركات

الفصل الخامس أكثر ما أحببت في الكتاب بعنوان “مكاتب الكراهية” ويتحدث عن الوظائف في عصر الرأسمالية النيوليبرالية. للاسف هناك أدلة لا تدع مجالاً للشك بأن ما يحدث هو انتهاك صارخ للإنسان، حيث أصبحنا في وضع العمل 24 ساعة في اليوم بلا توقف سواء داخل أماكن العمل أو خارجها، فدائماً ما نتفقد البريد الإليكتروني الخاص بالعمل، ودائماً ما تردنا المكالمات الهاتفية خارج أوقات العمل. والعمل أيام الاجازات. وانتشار “السيكوباتيين” في المناصب الإدارية واستفحال ظاهرة التنمر والإيذاء النفسي من قبل المديرين تجاه الموظف، وانتشار اللهجة العدائية بشكل عام في الشركات وانتشار ظاهرة الانتحار. “يقال لنا الآن إن السؤال المهم لم يعد متى نتقاعد، بل هل سنتقاعد؟ وصار أن تعمل حتى تقع هو النموذج الطبيعي للحياة”… باختصار ما يُعرف بـ “الإيذاء الأخلاقي” وهو كما تعرفه الطبيبة النفسية السريرية “ماري فرنس هيراغويين”: إن هددك شخص أو مجموعة من الأشخاص بطريقة عدوانية، سواء بالقول أو بالفعل أو حتى بالكتابة، وكانت تلك الأفعال تؤثر على سلامة كرامتك أو صحتك أو روحك المعنوية، أو سببت تدهور في بيئة العمل، أو عرّضت وظيفتك للخطر، فأنت ضحية لإيذاء أخلاقي”.

باقي فصول الكتاب ستتحدث عن علاقة البشر بالطبيعة وما تأثيرهم على الكوكب، ويتحدث عن تعامل البشر مع الحيوانات التي يستهلكونها خاصة اللحوم والاختلاف الشديد بين ما يحدث في مزارع التسمين والألبان وبين شكل المنتج النهائي المعروض في السوبرماركت. وسيتحدث الكاتب عن دور الدولة القديم والحديث. عن الحوسبة القمعية وعن عبيد الكوبالت في الكونغو. عن التفاؤل والتشاؤم والعدمية. عن البيانات الكبيرة والخصخصة والضرائب. وسينهي كتابه بملحق عن بعض المصطلحات التي نسمعها ومدى كذبها.

أعتبر الكتاب مجرد عرض سريع أو تسبيط لمفاهيم كثيرة جداً يصعب على غير المتخصصين أمثالي من فهمنا في الظروف العادية! الكتاب قد يكون سطحي لمن له تعمّق في الاقتصاد والسياسة خاصة وأن كثير جداً من أجزاء الكتاب هي مجرد إشارة لمقالات صحفية وليس لأبحاث متعمقة.

أخيراً الترجمة رائعة والغلاف جيد.

 

ترجمة: محمد أ. جمال
الناشر: منشورات تكوين
الطبعة الاولى يوليو 2020
عدد الصفحات: 175
الترقيم الدولي: 9789921723663

Leave a Comment

ماذا حدث للثقافة في مصر؟ – جلال أمين

التقييم 5/5

مجموعة من مقالات الدكتور جلال أمين التي سبق أن نشرها في الصحف المصرية في التعليم والسياسة والاقتصاد والادب… الخ. وكعادة الكاتب فهو يجيد طرح الاسئلة الجيدة التي تدفعك للتساؤل.

اكثر جزء استفزني هو الجزء الخاص بالتعليم.

Leave a Comment

لن أمنحكم كراهيتي – انطوان لاريس

34866701._SX318_

التقييم 5/5

لن امنحكم كراهيتي. لا أعرفكم. ولا أريد أن أعرفكم. فأنتم بالنسبة لي أرواح ميتة. وإذا كان هذا الإله الذين تقتلون من أجله بشكل عشوائي -وهو قد خلقنا على صورته- فإن كل رصاصة في جسد زوجتي هي جُرحٌ في قلبه. لا. لن أمنحكم هدية كُرهي لكم، لقد أردتم ذلك ولكن الرد عليكم بالكره والغضب يعني الاستسلام للجهل الذي جعلكم ما انتم عليه. تريدونني أن اخاف وأن أراقب من يعيشون معي في نفس الوطن بعين الريبة، وأن أضحي بحريتي من أجل أمني وسلامي… خسئتم. فحياتي ستستمر كما أريد رغماً عنكم.

كتاب صغير جداً يتحدث فيه المؤلف “انطوان لاريس” عن وفاة زوجته “هيلينا مويال لاريس” أثناء هجوم مسلح على حفل لموسيقى الروك يوم 13 نوفمبر 2005. هو مذكرات الكاتب الشخصية خلال ثلاثة أيام تقريباً، وكيف تقبل خبر وفاة زوجته، وماذا سيفعل وحيداً بعد وفاتها مع ابنهما الصغير. رفض الكاتب حالة الخوف الذي اعترت المجتمع بسبب الحادث الإرهابي، ورفض حالة الحِداد والحزن الذي سببه الحادث. وطالب بعكس ذلك. وفي اليوم الثالث للحادث نشر مقال على “الفيسبوك” بعنوان “لن امنحكم كراهيتي – You Will Not Have My Hate” والذي حظى بانتشار واسع جداً على جميع وسائل الميديا.

ترجمة: صابر رمضان
الناشر: العربي للنشر والتوزيع
الطبعة الاولى 2016
عدد الصفحات: 144
الترقيم الدولي: 9789773193409

Leave a Comment

أفلام الحافظة الزرقاء – أحمد خالد توفيق

حافظة الافلام الزرقاء

 

التقييم 4/5

يبدو أن الطريق كان ممهداً أمامي لأصير مخرجاً أو مصوراً أو عامل عرض أو حتى بلاسير أو بائع كازوزة في سينما، لكني صرت طبيبا في ظروف مجهولة

أختم هذه السنة غير السعيدة -كما بدأتها- بكتاب لدكتور أحمد خالد توفيق. رحمة الله عليه.

كتاب اليوم هو لمحة من الدكتور أحمد على أحد هوايته، وهي حبه وثقافته الكبيرة بعالم الفن السابع، وكان دائماً يتمنى أن يرى أعماله على الشاشة، ولكن كما يعرف ونعرف جميعاً أن ذلك لم يحدث لسببين، أولهما أنه ليس من “الشِلّة” وثانيهما أن هذا “سلو بلدنا” فنحن ندفن رجالنا ثم نحفتي بهم بعد موتهم!

عزائنا الوحيد أن دكتور أحمد خالد توفيق نال نصيباً من حب قُرّائه وهو على قيد الحياة وأكثر من مرة عبَّر أن هذا كان يكفيه وأكثر.

الكتاب بمثابة “تبّيض” لحافظة لونها أزرق كان يحتفظ فيها المؤلف باسطوانات لبعض الأفلام المحببة لقلبه ونبذة صغيرة عن كل فيلم والظروف التي صُنع فيها. وكان قد تمنى الكاتب أن يكون لهذا الكتاب جزء ثانٍ إذا نال جزء الأول إعجاب القاريء، ولكن للأسف لم يحدث هذا (لا أعرف هل لعدم رواج الكتاب كعادة كتبه، أم لأن الزمن لم يُمهله الوقت الكافي؟).

الكتاب مقالاته صغيرة جداً يتحدث فيها بالدرجة الأولى عن المخرج الذي أخرج هذه الروائع التي يرى أنه على كل شخص مهتم بالسينما أو الفن عموماً أن يشاهدها، ويتحدث عن الموسيقى وبعض المشاهد المؤثرة في الفيلم ويذكر أثناء حديثه عن الفيلم -كعادته- أسماء لأفلام أخرى سواء كانت لنفس مخرج العمل أو لأشخاص أخرين. والكتاب هو بمثابة دليل مُصغّر لمن أراد أن يبدأ بتكوين ثقافة سينيمائية تجعله يسلك طريقه إلى هذا الفن الممتع.

قبل أن تبدأ في القراءة يجب عليك تُجهّز قلم ودفتر ملاحظات لتتابع وتُسجّل كل أسماء الأفلام والمخرجين والممثلين والمؤلفين والموسيقيين الذي ستقابلهم أثناء قرائتك، الكتاب مليء بتلك الأسماء. وأيضاً لو توافر لديك موبايل فكن حريص على تحميل تطبيق لقراءة الـ (QR Codes) حيث سترى أكواد لمشاهدة اللقطات التي يتحدث عنها الكاتب خلال القراءة (هذه الأكود موجود في نسخة دار كيان التي لديَّ).

ستجد أفلام يعرفها جيداً كل شخص من جيل الثمانينات والتسعينات من أمثال: السائق التاكسي، وطارد الأرواح الشريرة، وأحدهم طار فوق عش المجانين، والطيب والشرس والقبيح… الخ وستجد أيضاً الكثير من الأفلام التي لم تسمع منها من قبل تم إنتاجها في ما قبل فترة السبعينيات من القرن الماضي.

في النهاية إذا كنت من جيل الألفية الثانية ووجدت نفسك غير مهتم بتلك الأفلام أو تراها سخيفة فلا تقلق، الكاتب نفسه يعرف هذا، بل أحد المبررات أنه أحرق أحداث بعض الأفلام لاعتقاده [… أنك لن ترى هذا الفيلم في 80% من الحالات]. ولكن عامة لا تحرم نفسك لتقرأ عن هذه الأفلام وتشاهدها -إن أُتيحت لك الفرصة- بأعين العرَّاب.

العيب الوحيد في رأيي وأظن أن دار النشر يقع عليها النصيب الأكبر في هذا اللوم، وهو أن المؤلف عندما كان يذكر أسماء الأفلام يذكر الاسم المُترجم (مثل السائق التاكسي، الطيب والشرس والقبيح) ولا يذكر اسم الفيلم باللغة الأصلية أو الإنجليزية. كنت أرغب في كتابة اسم الفيلم باللغة الإنجليزية -على الأقل- لتسهيل عملية البحث.

وأختم الكتابة مثلما بدأتها، رحمة الله عليك. أو كما نحب نحن المسيحيين أن نقول عن أحبائنا الذين انتقلوا إلى العالم الآخر “الله يُنِّح نفسك يا دكتور أحمد”.

الغلاف ممل وكذلك الخط المُستخدم (للأسف تعجبت من أن المُصمِّم هو الكاتب أحمد مراد)، ولكن غلاف نسخة “دار ليلى” كان أجمل بالتأكيد.

كُنت أرغب لو اسم الكتاب “حافظة الأفلام الزرقاء”

الناشر: دار كيان 2017
عدد الصفحات: 277
الترقيم الدولي: 9789778200171

Leave a Comment

كتب لها تاريخ – جلال أمين

d983d8aad8a8-d984d987d8a7-d8aad8a7d8b1d98ad8ae

 

التقييم 5/5

الكتاب الجيد هو الذي يقول لك ما كنت تعرفه بالفعل، ويُعبِّر عما في نفسك ويقول ما كنت تريد ان تقوله، وهو الكتاب الذي تجد فيه نفسك. والكتاب الجيد هو الذي يستخرج من قارئه من الأفكار ما لا يحتويه الكتاب نفسه. -كتب لها تاريخ، جلال أمين.

هذا هو الكتاب الثالث لي مع الدكتور “جلال أمين”، ولكن هذا الكتاب هو رأي “جلال أمين” في بعض الكتب التي قرأها. يتميز أسلوب كتابة “جلال أمين” بالسلاسة والترتيب المنطقي للأفكار وسهولة الألفاظ. فإذا شاهدت لقاء تيليفزيوني مع “جلال أمين” ستجد أنه يكتب مثلما يتكلم بنفس الألفاظ ونفس الاسلوب.من أكثر المقالات التي أعجبتني المقالة التي تناقش “تربية الاطفال” ومقالته عن “صندوق النقد الدولي”. الكتاب ككل رائع وصغير الحجم. وبالتأكيد يستحق القراءة. رحمة الله على روح الدكتور جلال أمين.

Leave a Comment

صنايعية مصر: مشاهد من حياة بعض بُناةُ مصر في العصر الحديث – عمر طاهر

صنايعية مصر

التقييم 5/5

كتاب تحفة. الكتابة تحفة. الغلافة مش تحفة خالص!

الكتاب انا بعتبره النسخة المكتوبة من برنامج إسعاد يونس “صاحبة السعادة”. هو بيستهدف الناس المولودين في فترة الثمانينيات والتسعينيات. بيفكرهم بالحاجات اللي كانوا بياكلوها ويسمعوها ويتفرجوا عليها وهما صغيرين. الحاجات والشخصيات اللي أثروا في وجدانهم.

أكلات، وبرامج، ومشروبات. شوكولاته وشاي وصودا وتواشيح وكتب أكل ونصائح للاطفال وكورة واتوبيسات وافلام وموسيقى واغاني… حياتك بالكامل بتفتكرها، ولحظات مكنتش متخيل ان في حد مركز اوي معاك وهايجيبهالك زي ما كنت بتعيشها.

ده التاريخ  غير الرسمي للشعب المصري. التاريخ اللي للأسف بيشترك في انهياره غالبًا هو تدخل البيروقراطية والسلطة والفساد.

الغلاف مش حلو خالص وأتمنى انه يتغيَّر في الطبعات القادمة.

أتمنى ان يبقى في أجزاء كتير تانية الكاتب يعملها.

 

Leave a Comment

نكون أو لا نكون – فرج فودة – مقالات مُجمّعة

2016-07-01_095045.png

التقييم 3/5

ويا أيها القارئ بعد زمان طويل، إقرأ لنا وتعلم كيف يكوِّن الإنسان موقفًا، وكيف نحتنا عصر تنوير جديد بأقلامنا، وكيف كانت الكلمات أقوى من الطلقات، وافهم معنا ما فهمناه من حكمة الله العلي القدير، حين شاء أن تكون أولى كلماته في الإنجيل (في البدء كانت الكلمة)، وفي القرآن (إقرأ)..

أيها القارئ بعد زمان طويل.. إقرأ.

 مجموعة من المقالات بعضها لم يتم نشره في الجرائد. المقالات بها حدة على غير عادة فرج فودة.

 فرج فودة رجل يكتب الدين والسياسة والاقتصاد لغير المتخصصين، بلغة بسيطة، وهذا سبب شهرته، وهذا سبب اغتياله (في رأيي). فبعكس الكثير من الباحثين ثقيلي الوزن في الإسلام السياسي، إلا ان صعوبة لغتهم في الكتابة -مثل حامد نصر أبو زيد وسيد القمني- جعلت الكثير ينصرف عنها، ولكن فرج فودة أوجع المتطرفين بأنه كسر هالة القداسة التي يدعوها بأنهم “علماء” وأنه على العامة ترك الدين للمختصين -وكأن الدين نزل لهم فقط وليس لكل الناس- بأنه يكتب بلغة الشارع، ومن هنا تجلى خطره عليهم.

المقالات التي أعجبتني:

– لشيخ الأزهر أن يحمد الله

– نكون أو لا نكون

– اسئلة حائرة

– أصول المسائل (وأنا أقرأ هذا المقال تسائلت، ماذا كانت ستكون رد فعل فرج فودة عندما يقرأ خبر الحكم بالسجن على من يقول أن تيران وصنافير مصرية، بينما يُرحب بمن يرفع علم السعودية ويقول على مصر انها كانت دولة احتلال؟!)

– الشباب والتطرف

– الفتاة المصرية وقضية الدين

في رأيي، أفضل كتابين كقرأتهم لفرج فودة، الحقيقة الغائبة والإرهاب.

لماذا ارتبط التطرف بالشباب؟

لأننا اغتلنا أحلامهم في مستقبل أفضل، واغتلنا أفكارهم بمناهج تعليمية متخلفة، واغتلنا ذاكرتهم بتزييف التاريخ، واغتلنا وعيهم حين علمناهم أن يروا الحقيقة من زاوية واحدة، واغتلنا أبصارهم حين حصرنا الألوان في الأبيض والأسود، تمامًا كما اختزلها المتطرفون في الجنة والنار، أما اللون الرمادي فقد محوناه من أذهانهم، وتخلفنا حتى عن المتعزلة الذين تحدثوا قبل ألف عام عن المنزلة بين المنزلتين، وليس لنا أن نندهش، لأننا الفعلة مع سبق الإصرار والترصد، وهي حقيقة مريرة بقدر ما هي صحيحة.

ما الذي حدث لنا في السنوات الأخيرة، وكيف سعينا حثيثًا إلى إنكار العقل أو إهماله، وما الذي دفع البعض إلى البحث في بطون كتب التراث، سعيًا وراء حديث آحاد ضعيف هنا أو فتوى فقيه بلا سند هناك، وما الذي جعل الإنكار أقرب كثيرًا من القبول، والتأثيم أهون كثيرًا من التكريم، والعسر أيسر كثيرًا من اليسر، ولماذا يحرص أبناؤنا أشد ألحرص على التمسك بالقشور، والتعصب للشكليات، والتعلق بالفروع، حتى أن البعض منهم يدعي أن الإسلام قد أتى بزي، وأنه فيما يرتديه يستنُّ بسنة الرسول الكريم، وعلمنا وفوق كل ذي علم عليم؛ أن الرسول لم يأت بزي جديد، وأنه أرتدى زي المقيمين في مكة، وأغلبهم من المشركين، وأنه لم يغير زيه بعد أ، تنزلت عليه الآيات البينات، وأنه أرتدى ما أهدي إليه من زي رومي أو حبشي أو فارسي بلا حرج، وأنه في زيه كان يقتدي بعصره، تمامًا كما نفعل نحن الآن، وأن أغلب الفقهاء قد أفتوا بأن سنة الرسول في الزي والعلاج خاصة بعصره ولا تنسحب على غيره من العصور، وهو ما يمكن أن يحمل عليه الكثير من أمور الدنيا في عصره أو عصرنا، غير أن البعض فيما يبدو يهمل ذلك كله، ولا يجد حرجًا في الإفتاء بأن سماع موسيقى بتهوفن قبل النوم حرام، تاركًا إيانا نضرب كفًا بكف ونحن نتسائل عن علة هذا التحريم، وعن مكان هذا الإنسان الوهي، الذي تتهيج غرائزه عند سماع بتهوفن، ويفسد طبعه إذا أنصت لموتسارت، وما أجدرنا بتساؤل آخر عن سند تحريم ما لم يعرفه عصر الرسول من فنون مثل المسرح، ومن آلات مثل الشيللو والكمان والأورج والبيانو، وهل يا ترى تمتد فتواهم إلى كا ما هو متاح وصداح، فتنطلق القوافل الشعبية بحثًا عن طيور الكناري لذبحها خوفًا من الفتنة، وإلى خرير الجداول لطمرها تحسبًا من الإثارة، وإلى أبواق السيارات لتدميرها تجنبًا لمقدمات الزنى!

الإزعاج يأتي من طبيعة المناخ الفكري السائد، وهو مناخ ينتج واقعًا، ويفرض توقعًا. أما الواقع فهو ما يسود المناخ الفكري والثقافي من أن الرأي الصحيح هو الرأي المريح، وأنه بقدر ما يكون الرأي مريحًا بقدر ما يكون صحيحًا، وبقدر ما يزعج بقدر ما يكون مرفوضًا وخاطئًا، وأما التوقع فهو أن ينتظر منك القراء أو السامعون، أن تترجم ما في أذهانهم، وأن تعبر عن دواخلهم، وأن تنطق بما يرددون بينهم وبين أنفسهم دون اقتناع في أغلب الأحيان، وإذا أراد الحاضرون نموذجًا على ما أذكره، فدونهم أشهر كتاب الأعمدة في الصحف المصرية، وسوف يجد القارئ أن شعبية الكاتب تتناسب طرديًا مع مدى تعبيره عن دواخلب الأغلبية، بصرف النظر عن صحتها أو اعتقاده بأنها صحيحة

إنني شخصيًا لا أتحمل أن أرى دجاجة تذبح أمام عيني، وما أكثر ما نهيت أطفالي عن مشاهدة ذبح خروف العيد لأنه منظر مفزع ولست أتصور انني مرهف الحس إلى درجة الشذوذ، لأن الدم هو الدم. والعذاب هو العذاب. والموت هو الموت، ومن لا يَرحم لا يُرحم، وإذا كنا نقتل الحيوان أو الطير  مضطرين فهذا شيء والاستمتاع به شيء آخر.

أفهم أن يُضبط من يتسلحون بالقنابل والمسدسات ومن يستهدفون قلب النظام بالقوة، لأنهم ساعتها يدخلون ساحة الصراع العنيف ويدفعون ثمنًا لابد وأن يتوقعوه من البداية، لكني لا أفهم إطلاقًا أن يقبضوا على أفراد تهمتهم الوحيدة أنهم يتحدثون في السياسة ويجتمعون معًا لاتفاقهم في الرأي، أيًا كان الرأي وأيًا كان الهدف السياسي.. إلى متى يظل حق الإضراب وحق التظاهر جرائم؟

Leave a Comment