“إنّ كل بندقية تُصنع، وكل سفينة تُدشّن، وكل صاروخ يُطلق يُمثّل في النهاية، السرقة من هؤلاء الذين يعانون من الجوع” دوايت أيزنهاور، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً
سمعت عن الكتاب أثناء حلقة للأستاذ “نضال قسوم” على اليوتيوب يستعرض فيها أفضل الكتب التي قرأها خلال عام 2021 وبرغم صدور الكتاب عام 2020 أي بعد مدة صغيرة من انتشار فيروس كوفيد-19 إلا أن المؤلف “فريد زكريا” يتأمل معنا تأثير الوباء على العالم والبشرية من خلال عشرة دروس يتحدث فيهم عن كل شيء تقريباً، من أول تأثير الوباء على السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وكان الجائحة سبباً رئيسياً في تسارع العديد من الأمور مثل صعود الصين وانحسار قوة الغرب وتسليط الضوء على أهمية الاستثمار في الصحة بدلاً من الأسلحة والتفاوت الطبقي الكبير والكثير من الأمور.
الكتاب ينقسم لجزأين، الأول يطرح فيه نظرة شاملة على التاريخ والمستقبل ويستعرض أسئلة مهمة لتأثير الكوفيد على العالم، والقسم الثاني -آخر ثلاثة فصول- يطرح الحل.
لي عتب فقط على الترجمة، الأول كتابة أسماء شهور السنة طبقاً للتسمية الآرامية المُتبعة في بلدان مثل لبنان وسوريا والعراق وليس تبعاً للتسمية الغربية المتبعة لدينا بمصر، فعلى الأقل كان يمكن كتابة التسمية الغربية والآرامية بجانب بعض وليس الاكتفاء بواحدة منهم.
العتب الثاني هو أن الكاتب يُشير إلى أسماء كُتب ومراجع وروايات ودراسات طوال الوقت وللأسف تمت كتابة أسماء الكتب باللغة العربية (كترجمة للاسم) وكنت أتمنى أن تتم كتابة الاسم أيضاً باللغة الإنجليزية بجانب اللغة العربية.
عدى ذلك فالغلاف بائس والترجمة ممتازة والكتاب ممتع جداً.
أسوأ ما يمكن أن يحدث لشخص ما هو أن يبلغ به مبلغ بيع روحه للشيطان فيكتشف أن الشيطان لا يشتري
المؤلف هو وزير المالية الأسبق في دولة اليونان عام 2015 واستاذ علوم الاقتصاد في جامعة أثينا باليونان، وسبب معرفتي بالكتاب هو أنني قرأت إشادة الفيلسوف “سلافوي جيجك” للكاتب: “واحد من أبطالي القلائل، ما دام الناس يحبون فاروفاكيس، سيبقى هناك أمل”
الكتاب يتناول موضوعات كثيرة بشكل مُبسّط مثل اللامساواة، والسوق، والإنتاج، والمال، والديون، والأزمات، والديمقراطية، والبديل الاقتصادي، وتأثير الروبوتات أو الذكاء الاصطناعي على البشرية في المسقبل ويستخدم في ذلك قصص شخصية وأساطير مشهورة وأفلام خيالية.
الكتاب يُعتبر ملخص سريع لتاريخ الاقتصاد وكيف انتقلنا إلى مجتمعات السوق. لماذا هناك دول غنية ودول فقيرة؟ لماذا الفجوة كبيرة جداً بشكل ينعدم معه اللامساواه؟ لماذا حدثت الازمة الاقتصادية العالمية عام 2008؟ وكيف لم يتم محاسبة أحد ممن تسببوا فيها؟ لماذا يجب عدم ترك الاقتصاد إلى المصرفيين؟ وما الفرق بين الربا وفائدة البنوك؟ لماذا لا نقوم بطباعة المزيد من النقود حتى يصبح الجميع من الأغنياء… اسئلة أخرى كثيرة ومصطلحات اقتصادية مثل التضخم والفائدة والدَين والقرض والبنك المركزي، ستجد لها شرح.
إن أسوأ أنواع العبودية هو عبودية حمقى لُقنوا السعادة بشدة ويعشقون أغلالهم ولا يطيقون الانتظار لشكر سادتهم على بهجة خضوعهم.
كتاب بسيط ولغة سهلة والفضل في ذلك بشكل كبير هو الترجمة الرائعة لـ “عماد شيحة” وكأنني أقرأ كتاب كُتِب باللغة العربية.
استمتعت جداً بالكتاب وأنصح بشدة لكل شخص غير مختص بالاقتصاد -مثلي- أن يقرأه.
الغلاف بسيط جداً وممل، والترجمة ممتازة.
ترجمة: عماد شيحة
الناشر: دار الساقي
الطبعة الاولى: 2020
عدد الصفحات: 175
الترقيم الدولي: 9786140321557
هل تعرفون الفرق ما بين المتفائل والمتشائم؟ يقوم المتشائم: “يا الله، لا يمكن أن تسوءَ الأمور أكثر من هذا، بينما يقول المتفائل: “لا تكتئب هكذا، يمكن دائمًا أن تصير الأمور أسوأ”. نكته انتشرت في مدينة سراييفو أثناء الحرب الاهلية.
يقول الكاتب “أكثر المجتمعات الصناعية تقدماً تجاوزت بالفعل مبادئ الرأسمالية، ومشغولة الآن بالتحوّل لشيء آخر” سيكون أسوأ بكثير من الرأسمالية، وأن فرصة نجاتنا ضئيلة جداً ولذلك يقدم لنا هذا الكتاب كمحاولة لمواجهة ما نحن مقدمون عليه. مشكلات مثل الاحتباس الحراري وذوبان جليد القطبين والأزمة المالية العالمية وصعود اليمين المتطرف… قد يقول بعض النقاد بأننا على الأرجح وصلنا إلى القاع وربما نحن في طريقنا إلى النهوض، ولكن ماذا لو كنا على اعتبار سقطة هائلة إلى عالم مظلم جديد؟!
للاسف كانت هناك في الماضي فرصة ذهبية للتطور وتجاوز الرأسمالية لنسخة أفضل ولكن قتلت “النيوليبرالية” أي فكرة مضادة للرأسمالية وأصبح كل شيء قابل للتسعير وخاضع لقيم السوق وتم تقييد يد الدولة. حتى الذكاء الصناعي الذي نأمل انه يعمل على تحسين جودة الحياة هناك اشارات واضحة بأننا بالفعل نستخدمه بأسوأ شكل ممكن وذلك من خلال استخدام الذكاء الصناعي في التسليح (عسكرة الذكاء الصناعي) على سبيل المثال “الطائرات بدون طيار” أو “الدرونز” المستخدمة في أفغانستان وسوريا أو بشكل أكبر حجماً مثل الغواصة الروسية “بوسيدون” التي بوسعها “أن تجوب العالم لسنوات دون أن تُكتشف… وبوسع ترسانتها توليد تسونامي بارتفاع 500 متر قادر على تلويث السواحل بالنظائر المشعة، وإغراض أساطيل العدو”.
إن طوروا ذكاءً اصطناعياً خارقاً، هل يمكن أن يتمرّد؟ التوقع المُقبِض أن الذكاء الاصطناعي غير الودود بالفعل قائم بالفعل وهناك حوادث لأجهزة أليكسا وسيارات تسلا الكهربائية وبعض الآلات في المصانع تقول أن “الخوف من تمرد الذكاء الاصطناعي وتدميره للكوكب ليس له أساس من الصحة. ما قد يتحقق هو وضع أقبح بكثير”.
“ركّز على الربح، واترك الاهتمام بحسن حال الإنسان للكنيسة والدولة” -الاقتصادي ميلتون فريدمان معترضاً على المسؤولية الاجتماعية للشركات
الفصل الخامس أكثر ما أحببت في الكتاب بعنوان “مكاتب الكراهية” ويتحدث عن الوظائف في عصر الرأسمالية النيوليبرالية. للاسف هناك أدلة لا تدع مجالاً للشك بأن ما يحدث هو انتهاك صارخ للإنسان، حيث أصبحنا في وضع العمل 24 ساعة في اليوم بلا توقف سواء داخل أماكن العمل أو خارجها، فدائماً ما نتفقد البريد الإليكتروني الخاص بالعمل، ودائماً ما تردنا المكالمات الهاتفية خارج أوقات العمل. والعمل أيام الاجازات. وانتشار “السيكوباتيين” في المناصب الإدارية واستفحال ظاهرة التنمر والإيذاء النفسي من قبل المديرين تجاه الموظف، وانتشار اللهجة العدائية بشكل عام في الشركات وانتشار ظاهرة الانتحار. “يقال لنا الآن إن السؤال المهم لم يعد متى نتقاعد، بل هل سنتقاعد؟ وصار أن تعمل حتى تقع هو النموذج الطبيعي للحياة”… باختصار ما يُعرف بـ “الإيذاء الأخلاقي” وهو كما تعرفه الطبيبة النفسية السريرية “ماري فرنس هيراغويين”: إن هددك شخص أو مجموعة من الأشخاص بطريقة عدوانية، سواء بالقول أو بالفعل أو حتى بالكتابة، وكانت تلك الأفعال تؤثر على سلامة كرامتك أو صحتك أو روحك المعنوية، أو سببت تدهور في بيئة العمل، أو عرّضت وظيفتك للخطر، فأنت ضحية لإيذاء أخلاقي”.
باقي فصول الكتاب ستتحدث عن علاقة البشر بالطبيعة وما تأثيرهم على الكوكب، ويتحدث عن تعامل البشر مع الحيوانات التي يستهلكونها خاصة اللحوم والاختلاف الشديد بين ما يحدث في مزارع التسمين والألبان وبين شكل المنتج النهائي المعروض في السوبرماركت. وسيتحدث الكاتب عن دور الدولة القديم والحديث. عن الحوسبة القمعية وعن عبيد الكوبالت في الكونغو. عن التفاؤل والتشاؤم والعدمية. عن البيانات الكبيرة والخصخصة والضرائب. وسينهي كتابه بملحق عن بعض المصطلحات التي نسمعها ومدى كذبها.
أعتبر الكتاب مجرد عرض سريع أو تسبيط لمفاهيم كثيرة جداً يصعب على غير المتخصصين أمثالي من فهمنا في الظروف العادية! الكتاب قد يكون سطحي لمن له تعمّق في الاقتصاد والسياسة خاصة وأن كثير جداً من أجزاء الكتاب هي مجرد إشارة لمقالات صحفية وليس لأبحاث متعمقة.
أخيراً الترجمة رائعة والغلاف جيد.
ترجمة: محمد أ. جمال
الناشر: منشورات تكوين
الطبعة الاولى يوليو 2020
عدد الصفحات: 175
الترقيم الدولي: 9789921723663
هكذا استعان بأستاذ تاريخ هو أحمد صفوان وأستاذ أديان مقارنة وأديب، كلهم من العرب المقيمين في الولايات، قال لهم: أريد تاريخًا مزيفًا!
تُذكرك الرواية برائعة الكاتب السابقة “يوتوبيا” ولكن هذه المرة على نطاق بلاد كبيرة. في هذه الرواية أشعر بغضب أحمد خالد توفيق من كل شيء. من افتخار العرب المُبالغ فيه بماضيهم. من افتخار الغرب من بحاضرهم. من افتخار كل جاهل بالتاريخ.
الرواية تتحدث عن العرب “الشِتات” على وزن “اليهود الشِتات”، كل من ترك بلاده متوجهاً لبلاد الغرب “الكافر” بحثاً عن حياة أفضل، تعليم أفضل. بحثاً عن كرامة. ماذا سيحدث لو تركت كل شيء وبدأت من جديد؟
قام أحمد خالد توفيق في هذه الرواية بتبنّي فكرة ما وأخذ يعطيها أساس فلسفي ومنطقي، مثلما فعل “دان براون” في رواية “الجحيم” عندما طرح فكرة التخلص من 1/3 (ثلث) عدد البشرية حتى يعود التوازن بين عدد الناس والموارد المُتاحة. هنا أيضاً يقوم الكاتب في شآبيب في أخذ فكرة ماذا لو أقنعنا كل العرب المُهاجرين أن يتجمعوا في دولة جديدة، ويبدأوا من جديد؟
لكن كيف سيقوم بإقناع كافة العرب بذلك وكل منهم وجد الزوجة والوظيفة والواقع الكريم بل والمستقبل أيضاً؟
كان يقولها لنفسه، ويتساءل بجدية وهو يتأمل صورة جمال حمدان على غلاف كتابه الموسوعي الشهير، أو يقلب كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت: كل الدول دخلت لعبة الكراسي الموسيقية هذه لعبتها الإمبراطورية الرومانية.. لعبها العرب.. لعبها الفرس.. لعبها البريطانيون.. لعبها الإغريق.. لعبها الفرنسيون وفي النهاية توقفت الموسيقى فجأة، لكن ظل هناك مقعد محترم جلست عليه كل دولة. الإمبراطورية الرومانية ما زالت هي إيطاليا، وهي إلى حد ما دولة متقدمة محترمة برغم أنها صغيرة متواضعة الإقتصاد، والإمبراطورية الإغريقية هي اليونان برغم كل شئ.. الإمبراطورية البريطانية صارت هي إنجلترا وهي ما زالت قوة نووية عظمى.
لكن لماذا بربك لم يبق أي مقعد للإمبراطورية العربية؟ هي اللاعب الوحيد الذي راح يدور حول الجالسين باحثاً بضحكة بلهاء عن أي موضع.. لعل هناك من ينزاح قليلاً أو يسمح له بطرف مقعد.
هل مشكلة العرب هي العرب أم الغرب؟ الرواية أيضاً ستجعلك حزيناً على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. على واقعنا. الرواية درامية ولذلك ايقاع الأحداث أبطيء مما تعودنا عليه للكتاب.
من الصعب أن تستمر دولة في محيط مُعادٍ مهما طال الزمن، خاصة أنها تعتمد على وهم لإثبات حقها.. لا يوجد سبيل للاستقرار لأي دولة سوى الاندماج والتعايش وقبول الآخر.
ربما فشلنا كذلك بسبب الخلافات العِرقية والدينية.. مشكلة العرب الدائمة هي صراعاتهم الداخلية، والوهم الذي يعتقده كل فريق.. أن بوسعه إبادة الفريق الآخر، وبعدها يحارب الأعداء. لكن الحقيقة أن القتال يستمر للأبد ولا ينتهي أبداً، بينما يزداد الخصوم قوة.
لأول مرة منذ زمن أردت أن تكون الرواية أطول من ذلك، كنت أتوقع المزيد مع كل تك الشخصيات، المزيد من الأحداث، ولكن بمجرد ما حدث لمكرم كانت الرواية تنتهي سريعاً جداً.
“عمر فخر الدين” يقابل “عز الدين شكري فشير” ويُسلمه ملفات صوتيه فيها مذكراته اثناء الثورة وبعدها. ويطلب منه ينشرها في شكل رواية -رغم عدم اقتناع عمر بالفكرة- وذلك حسب تشجيع “أمل مفيد” له للقيام بذلك. ولأن المحتوى يحتوي على أشياء قد “تخدش” الحياء العام، والكاتب لا يريد الدخول للسجن بسبب رواية (كما حدث مع أحمد ناجي) فنشر تنويه ان قراءة الرواية غير إجبارية والرواية تحتوي على أشياء قد تخدش الحياء وعليه من يقرّر قراءة الرواية يتحمل المسؤلية كاملة 🙂
الرواية فعلياً أحداثها تبدأ بعد خروج “أمل مفيد” مصرية تحمل الجنسية الأمريكية، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان من السجن بعدما قضت سنة كاملة على خلفية القضية التي عُرفِت إعلامياً بـ “التمويل الأجنبي” أو “المنظمات الحقوقية”. وقد استطاعت الخروج بسبب تخلّيها عن “الجنسية المصرية” ولذلك يقيم لها أصدقائها حفلة بمناسبة خروجها وأيضاً بمناسبة توديعها لأنها ستسافر إلى أمريكا. وبعد خروجها من الحفلة وهي في حالة “سكر” تركب تاكسي يكون سائفه “عمر فخر الدين” وينتهي بها الأمر في الفراش سوياً. وهنا تبدأ الرواية”
تبدأ أولاً “أمل مفيد” في التعريف عن نفسها لـ “عمر فخر الدين” وهي بنت الرجل العسكري السابق والذي سافر بهما إلى أمريكا وهي في عمر السادسة ليكون وسيط في صفقات توريد السلاح وبعض الأنظمة التكنولوجية للجيش المصري. وتتخرج من كمحامية وتعمل في مجال حقوق الإنسان والمساعدات في أكثر من بلد وينتهي بها الأمر في أحد المنظمات الحقوقية في مصر وتدخل للسجن مع كثيرين على ذمة قضية تتهم المنظمات الحقوقية بالتمويل الخارجي غير القانوني.
ثم يبدأ “عمر فخر الدين” في الحديث عن نفسه. هو ابن لرجل إرهابي والذي تربى هو نفسه في “مزرعة شمال الخرطوم” التي انشأها الإرهابي “اسامة بن لادن” لتدريب وإعداد الإرهابيين. ويتورط الابن “عمر” في محاولة لتفجير مقر إجتماع القيادات الإرهابية للتخلص منهم بالتعاون مع ضابط أمن دولة مصري “أيمن”.
وبناء على طلب “أمل” لـ “عمر” أن يحكي لها ما حدث في البلاد طوال العام السابق أثناء سجنها، يبدأ عمر في الحديث عن قصص لأصدقائه خلال تلك الفترة، كيف دخلوا في الثورة وكيف انتهت بهم الدنيا. مرحلة تقلبات لشرائح مختلفة من المجتمع.
وقصص “عمر” تناقش شرائح مختلفة. ستجد الإسلامي والإرهابي والليبرالي والثوري. ستجد الألتراس وأمن الدولة. أي ستجد نفسك بالتأكيد في أحد تلك القصص أو قد تجدها في جميعها، وهي التي تمثل مرحلة انتقالك الفكري من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين.
الكاتب “عز الدين شكري” هو دبلوماسي سابق، ولغته الروائية رائعة وسهلة. ترتيب الأحداث مُبهر وتلخيصها أيضاً مُبهر. هذه الرواية هي الرابعة لي مع الكاتب (بعد: عناق على جسر بروكلين، وباب الخروج، وأسفار الفراعين). و هذه الرواية مثل باب الخروج و أسفار الفراعين، تتحدث عن الفساد الإداري (أو فساد النظام الحاكم) في مصر، سواء قبل قيام الثورة أو بعدها.
الرواية ستنعش ذاكرتك. نحن من عاصرنا ثورتين ونسينا ما حدث أو قد يكون عن قصد تناسينا ما حدث. الرواية هي لمحة سريعة عن الأحداث والأفكار والمبادئ التي مر بها كل من منا. من كان لا يعرف السياسة ثم أصبح ثورياً ثم تبنى الليبرالية (وهو لا يعرف معنى أن تكون ليبرالياً) ثم معارض لكل الأنظمة بحجة أن الثورة مستمرة و”يا نجيب حقهم يا نموت زيهم” ثم حالة اللامبالاة. ستجد المُتدّين والمتطرف والمتفتح والشاذ جنسياً والمنحل أخلاقياً والظالم والسادي والفاسد. سترى مصر بعيون كل هؤلاء.
“عز الدين شكري فشير” لم ينحاز في الرواية لأي وجهة نظر ولكن وقف على الحياد (ورغم اني أعتبر أنه تبنى وجهة نظر “عمر فخر الدين” وهي نظرة العارف بالأمور بحكم تربيته ونشأته وبالتالي أصبح ليس لديه أمل في المجتمع.
أنا لستُ بطلاً، وأكره القضايا الكبرى وأصحابها. لا شاركت في ثورة يناير ولا ضدها ولا فيما تلاها. ما أعرفه هو الاهتمام بمن أعرفه، بأصحابي وأقربائي ومن أستطيع مساعدته بيدي. أما الأفكار الكبيرة ومحاولات إصلاح الكون فليس لي فيها، ولا أحبها، ورأيي أنها تنتهي دوماً بكوارث. أبي أضاع حياته سعياً خلفها وطلعت أنا وحدي بلا أب ولا أم بسبب ذلك. شكراً جداً. وكل هؤلاء الذين يقتلون بعضهم بعضاً يفعلون ذلك باسم الإسلام أو الوطنية أو العدالة الاجتماعية. لا الإسلام ضاع ولا انتشر، ولا الوطن سقط ولا نهض. ولا العدالة الإجتماعية تحققت ولا غابت، لا هنا ولا في أي مكان في الدنيا. كل ما حدث أن الناس ماتت. على قدر معرفتي فإن الأمور تحدث حين يحين وقتها، حين تتوفر أسبابها، لا حين ينذر ناس حياتهم -أو حياة غيرهم- لتحقيقها. وبالتال كلما سمعت أو شاهدتُ شخصاً يدو الناس للتضحية من أجل قضية كبرى، قلت في سري: “ك..ك. أذهب واعتن بنفسك، أو بأطفالك، أو بجيرانك، أو افعل أي شيء مفيد
– لكن لِمَ لا تنخرط أنت في الحياة؟ هذا ما لا أفهمه. ألا ترغب في فعل أي شيء؟
– كما قلت لك؛ “الأيام الخرا فايدتها النوم”. وهذه أيام خرا، ومن ثَمَّ لا شيء يُفعل غير النوم. سأنام، في انتظار حدوث شيء ما.
– وإذا لم يحدث؟
– يكون الوقت قد مر.
– ألا تخشى من التعفن من كثرة النوم؟
– أخشى من التعفن؟ كل ما ترينه حولكِ هو جزء من هذا التعفن. هذا بالضبط ما أحاول قوله لك منذ الأمس، إننا تعفّنا، كلنا، بثورتنا وثورتنا المضادة، باختلافاتنا واتفاقاتنا، تعفّنا ببطء، ونواصل مسيرة التعفن بنجاح ساحق
ورغم أن الرواية تحتوي على مشاهد جنسية وألفاظ خارجة، ولكني لا اعتبرها مؤثرة في الرواية. فلو تم حذفها لما حدث أي اختلاف. الرواية تستحق القراءة، ونصيحة لو أنت ممكن لا تحب الألفاظ الخارجة أو المشاهد الجنسية في القراءة فلا تقرأ الرواية. وإن كنت تعتقد أنك ستقرأ عمل سياسي أو فلسفي عن الثورة فلا أنصحك بالقراءة.
“عز الدين شكري فشير” من الأقلام المتميزة جداً في هذا الوقت، ونعيب على أمثاله قلة إنتاجه. فهو يتركنا في مستنقع من الأدب الفاشل والذي تتسع مساحته مع الوقت.
المشكلة الوحيدة بالنسبة لي، هي “أمل مفيد” وهي تتفاجئ، فكل مرة تتفاجئ فيها تقول: يا للهول. تشعر وكأنها تحولت إلى “يوسف وهبه”.
الغلاف لا بأس به. بالرغم انه ليس سيء ولا جيد، ولكنه لا يُعبِّر عن الرواية.
رجاء إلى الدبلوماسي والروائي “عز الدين شكري فشير”، لا تغيب عنا فترات كبيرة.
ويا أيها القارئ بعد زمان طويل، إقرأ لنا وتعلم كيف يكوِّن الإنسان موقفًا، وكيف نحتنا عصر تنوير جديد بأقلامنا، وكيف كانت الكلمات أقوى من الطلقات، وافهم معنا ما فهمناه من حكمة الله العلي القدير، حين شاء أن تكون أولى كلماته في الإنجيل (في البدء كانت الكلمة)، وفي القرآن (إقرأ)..
أيها القارئ بعد زمان طويل.. إقرأ.
مجموعة من المقالات بعضها لم يتم نشره في الجرائد. المقالات بها حدة على غير عادة فرج فودة.
فرج فودة رجل يكتب الدين والسياسة والاقتصاد لغير المتخصصين، بلغة بسيطة، وهذا سبب شهرته، وهذا سبب اغتياله (في رأيي). فبعكس الكثير من الباحثين ثقيلي الوزن في الإسلام السياسي، إلا ان صعوبة لغتهم في الكتابة -مثل حامد نصر أبو زيد وسيد القمني- جعلت الكثير ينصرف عنها، ولكن فرج فودة أوجع المتطرفين بأنه كسر هالة القداسة التي يدعوها بأنهم “علماء” وأنه على العامة ترك الدين للمختصين -وكأن الدين نزل لهم فقط وليس لكل الناس- بأنه يكتب بلغة الشارع، ومن هنا تجلى خطره عليهم.
المقالات التي أعجبتني:
– لشيخ الأزهر أن يحمد الله
– نكون أو لا نكون
– اسئلة حائرة
– أصول المسائل (وأنا أقرأ هذا المقال تسائلت، ماذا كانت ستكون رد فعل فرج فودة عندما يقرأ خبر الحكم بالسجن على من يقول أن تيران وصنافير مصرية، بينما يُرحب بمن يرفع علم السعودية ويقول على مصر انها كانت دولة احتلال؟!)
– الشباب والتطرف
– الفتاة المصرية وقضية الدين
في رأيي، أفضل كتابين كقرأتهم لفرج فودة، الحقيقة الغائبة والإرهاب.
لماذا ارتبط التطرف بالشباب؟
لأننا اغتلنا أحلامهم في مستقبل أفضل، واغتلنا أفكارهم بمناهج تعليمية متخلفة، واغتلنا ذاكرتهم بتزييف التاريخ، واغتلنا وعيهم حين علمناهم أن يروا الحقيقة من زاوية واحدة، واغتلنا أبصارهم حين حصرنا الألوان في الأبيض والأسود، تمامًا كما اختزلها المتطرفون في الجنة والنار، أما اللون الرمادي فقد محوناه من أذهانهم، وتخلفنا حتى عن المتعزلة الذين تحدثوا قبل ألف عام عن المنزلة بين المنزلتين، وليس لنا أن نندهش، لأننا الفعلة مع سبق الإصرار والترصد، وهي حقيقة مريرة بقدر ما هي صحيحة.
ما الذي حدث لنا في السنوات الأخيرة، وكيف سعينا حثيثًا إلى إنكار العقل أو إهماله، وما الذي دفع البعض إلى البحث في بطون كتب التراث، سعيًا وراء حديث آحاد ضعيف هنا أو فتوى فقيه بلا سند هناك، وما الذي جعل الإنكار أقرب كثيرًا من القبول، والتأثيم أهون كثيرًا من التكريم، والعسر أيسر كثيرًا من اليسر، ولماذا يحرص أبناؤنا أشد ألحرص على التمسك بالقشور، والتعصب للشكليات، والتعلق بالفروع، حتى أن البعض منهم يدعي أن الإسلام قد أتى بزي، وأنه فيما يرتديه يستنُّ بسنة الرسول الكريم، وعلمنا وفوق كل ذي علم عليم؛ أن الرسول لم يأت بزي جديد، وأنه أرتدى زي المقيمين في مكة، وأغلبهم من المشركين، وأنه لم يغير زيه بعد أ، تنزلت عليه الآيات البينات، وأنه أرتدى ما أهدي إليه من زي رومي أو حبشي أو فارسي بلا حرج، وأنه في زيه كان يقتدي بعصره، تمامًا كما نفعل نحن الآن، وأن أغلب الفقهاء قد أفتوا بأن سنة الرسول في الزي والعلاج خاصة بعصره ولا تنسحب على غيره من العصور، وهو ما يمكن أن يحمل عليه الكثير من أمور الدنيا في عصره أو عصرنا، غير أن البعض فيما يبدو يهمل ذلك كله، ولا يجد حرجًا في الإفتاء بأن سماع موسيقى بتهوفن قبل النوم حرام، تاركًا إيانا نضرب كفًا بكف ونحن نتسائل عن علة هذا التحريم، وعن مكان هذا الإنسان الوهي، الذي تتهيج غرائزه عند سماع بتهوفن، ويفسد طبعه إذا أنصت لموتسارت، وما أجدرنا بتساؤل آخر عن سند تحريم ما لم يعرفه عصر الرسول من فنون مثل المسرح، ومن آلات مثل الشيللو والكمان والأورج والبيانو، وهل يا ترى تمتد فتواهم إلى كا ما هو متاح وصداح، فتنطلق القوافل الشعبية بحثًا عن طيور الكناري لذبحها خوفًا من الفتنة، وإلى خرير الجداول لطمرها تحسبًا من الإثارة، وإلى أبواق السيارات لتدميرها تجنبًا لمقدمات الزنى!
الإزعاج يأتي من طبيعة المناخ الفكري السائد، وهو مناخ ينتج واقعًا، ويفرض توقعًا. أما الواقع فهو ما يسود المناخ الفكري والثقافي من أن الرأي الصحيح هو الرأي المريح، وأنه بقدر ما يكون الرأي مريحًا بقدر ما يكون صحيحًا، وبقدر ما يزعج بقدر ما يكون مرفوضًا وخاطئًا، وأما التوقع فهو أن ينتظر منك القراء أو السامعون، أن تترجم ما في أذهانهم، وأن تعبر عن دواخلهم، وأن تنطق بما يرددون بينهم وبين أنفسهم دون اقتناع في أغلب الأحيان، وإذا أراد الحاضرون نموذجًا على ما أذكره، فدونهم أشهر كتاب الأعمدة في الصحف المصرية، وسوف يجد القارئ أن شعبية الكاتب تتناسب طرديًا مع مدى تعبيره عن دواخلب الأغلبية، بصرف النظر عن صحتها أو اعتقاده بأنها صحيحة
إنني شخصيًا لا أتحمل أن أرى دجاجة تذبح أمام عيني، وما أكثر ما نهيت أطفالي عن مشاهدة ذبح خروف العيد لأنه منظر مفزع ولست أتصور انني مرهف الحس إلى درجة الشذوذ، لأن الدم هو الدم. والعذاب هو العذاب. والموت هو الموت، ومن لا يَرحم لا يُرحم، وإذا كنا نقتل الحيوان أو الطير مضطرين فهذا شيء والاستمتاع به شيء آخر.
أفهم أن يُضبط من يتسلحون بالقنابل والمسدسات ومن يستهدفون قلب النظام بالقوة، لأنهم ساعتها يدخلون ساحة الصراع العنيف ويدفعون ثمنًا لابد وأن يتوقعوه من البداية، لكني لا أفهم إطلاقًا أن يقبضوا على أفراد تهمتهم الوحيدة أنهم يتحدثون في السياسة ويجتمعون معًا لاتفاقهم في الرأي، أيًا كان الرأي وأيًا كان الهدف السياسي.. إلى متى يظل حق الإضراب وحق التظاهر جرائم؟
التقييم 5/5
الكتاب يعطي لمحات سريعة عن بعض الرجال الذين أثروا في الحياة السياسية في مصر، مثل أسامة الباز وهيكل وكمال الشاذلي وعمر سليمان، ورؤساء وزارة مصر بعد الثورة. وهناك جزء صغير عن المستشار هشام جنينة وبداية قصة صدامه مع الفساد في الجهاز الإداري المصري.
ياسر ثابت يتميز بأنه يكتب السياسة بلغة سهلة، وغير مملة. وبالنسبة لي كتاباته تحقق لي شيئان، هم معلومات موثقة وسهولة القراءة.
ياسر ثابت، لا يقدم أسرار لا يمكنك التأكد منها، بالعكس هو يذكر المراجع التي أخذ منها الكلام ويضعها لك في الحواشي. جميع كتبه مليئة بالحواشي والمراجع، وهو ما يصب في مصلحة القارئ إذا رغب في الاستزادة.