كتاب خفيف. عبارة عن مذكرات شخصية للكاتب. يبدأ حتى منتصفه بكلام سافل عن أيام مراهقته. ثم يصير أفضل قليلًا بداية من حكاية “مطاوع”. في المجمل الكتاب لم يضيف لي أي شيء وقرأته من باب التسلية.
إن كنت سأموت صغيرًا، كما توقع لي أبي ذات مرة مازحًا، وكما قالها لي أحد أصدقائي في ساعة لوم طويلة: “يا أخي أنت هتموت صغير فعلًا، بس ده مش معناه انك تبقى مستعجل أوي كدة”.
إن كنت سأفعلها وتصدق توقعاتهم لي فعلًا، فلأفعل في حياتي القصيرة ما يغنيني عن طولها، أكتب القصص القصيرة، وأقابل هؤلاء الذين يفترض بي أن أقابلهم في وقت لاحق، ولأفعل الأشياء التي تليق بمن هم أكبر سنًا، ولأصالح نفسي على نفسي، ولأبصق على كل الوعود المستقبلية، التي منحتها لنفسي، أو التي منحها لي الآخرون، أو التي منحتها لهم، ولأعتذر لله عن كل الأشياء الشريرة التي فعلتها من قبل، والتي ربما أفعلها إن كان في عمري بقية تسمح لي بفعلها.
ثالث كتاب أقراءه للكاتب (بعد القضية الخالق والقضية الإيمان) وهو الكتاب الأشهر له، وهذا في رأيي ظلم كتاب رائع مثل “القضية.. الخالق”.
الكاتب كان ملحدًا وفوجئ في أحد الأيام بمصارحة زوجته له أنها صارت مسيحية، وهذه الصدمة جعلته يقوم بدراسة لمدة عامان ليقرأ ويحلل ويقوم بعمل مقابلات صحفية عن المسيحية ومع علماء (فلك ورياضيات وكيمياء وآثار وفلسفة) مسيحيين.
كمسيحي لا أستطيع أن أكون حيادي بشكل كامل، ففي النهاية الكتاب يتحدث عن ما أحبه وما أؤمن به. الكتاب مدّني بمعلومات لأول مرة أعرفها (بطبيعة الحال)، وهذا ما يعجبني في هذه الكتابات.
الكتاب أسلوب كتابته سهل فالكاتب لا يقوم بتلقينك الإجابات، ولكنه يقوم على أساس اللقاءات الصحفية، وهذا يعطي للمادة إثارة، فهناك مناقشة قوية بين طرفين لا يخجلان طرح الاسئلة والاجابة عليها.
الكتاب ينقسم إلى جزئين، الأول يتحدث عن هل شخصية حقيقية؟ هل ادعى انه إله أم كان مجرد شخص حكيم ام أنه مجنون؟ هل يمكننا أن نثق في كلامه أو نثق في من نقلوا كلامه؟ وما الذي يميز المسيح عن باقي الشخصيات التاريخية؟ وهل هناك مصادر خارج المسيحية تتحدث عن المسيح؟ وهل هو فعلًا المسيا المنتظر أم أن المسيحيين أعادوا تأويل نصوص العهد القديم للتوافق مع آرائهم؟
الجزء الثاني يتحدث عن القيامة، ما أدلة حدوثها ومدى معقولية ذلك؟ هل أصيب المسيح بإغماء وتم تهريبه؟ هل سرق تلاميذه جسده ليدعوا قيامته؟ ما الرد على اختلافات أحداث القيامة في الأناجيل الأربعة؟
أخيرًا، هناك مشكلة مع دار النشر، فالأخطاء المطبيعة كثيرة جدًا، وهي للأسف سمة جميع الكتب التي قرأتها حتى الآن من هذه الدار (كتب فيليب يانسي ولي ستروبل).
الرواية الثانية لعصام يوسف ولي كقارئ له بعد رواية 1/4 جرام. يتميز اسلوبه في الروايتان بأنه “تقريري/وصفي” ورغم اني أعجبت باسلوبه في الرواية الأولى إلا اني لم أحبه في هذه الرواية وذلك لاختلاف المواضيع. في الرواية الأولى كانت كمذكرات شخصية يحكيها البطل، أما في هذه الرواية فهناك أكثر من شخصية تتحدث بنفسها.
الرواية حجمها كبير (518 صفحة) ولكن للحق أسلوب الكتابة كان سهل القراءة ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أقرأها من أول ص60 حتى آخرها في جلسة واحدة.
الرواية تتحدث عن 2 ضباط شرطة أحدهم طيب والآخر شرير، رغم أن الغلاف مكتوب عليه “رواية واقعية” إلا أنني لا أستطيع أن أقنع نفسي بذلك، فهي في النهاية بالنسبة لي رواية وليست فيلم وثائقي.
كلا الطرفين أستغل سلطته، وهو شيء لم أستريح له. الثلث الأول من الرواية مجرد وصف “وليد” و”شريف”، واعتقد ان ذلك كان يمكن اختصاره بشكل أفضل من ذلك. التصعيد في رد فعل “وليد” جعلني أعتقد انه ستكون هناك حرب طاحنة، ولكن كانت النتيجة صادمة بالنسبة لي، فهل كل هذا التحضر لأجل هذا فقط؟
أصابتني النهاية بالإحباط، فما الذي تغيَّر إذن؟ بل بالعكس الأمور تزيد من سيء إلى أسوأ.
تقع الرواية في أكثر من 600 صفحة، ولكن للحق لم أشعر بهم والسبب هو اسلوب كتابته السهل والموضوع كان مثير جدًا بالنسبة لي.
لأول مرة أجد عمل أدبي يتحدث عن الإدمان من منظور المدمن، وليس من منظور احتقارهم. والكتاب لم يكتفي بعرض المشكلة ولكنه قدَّم أيضًا الحل.
المدمن ليس بالضرورة يكون شخصًا نحيف وهالات عينيه سوداء وأصفر الأسنان وفاشل في وظيفته..الخ، بل يمكن أن يكون متفوق دراسيًا وعمليًا ولديه المال والأصدقاء. المدمن مريض يجب مساعدته وعلاجه.
الرواية بالنسبة لي كانت ممتعة وسهلة القراءة.
غلاف الرواية أعجبني (اقتنعت بهه بعد قراءة الرواية).
ويا أيها القارئ بعد زمان طويل، إقرأ لنا وتعلم كيف يكوِّن الإنسان موقفًا، وكيف نحتنا عصر تنوير جديد بأقلامنا، وكيف كانت الكلمات أقوى من الطلقات، وافهم معنا ما فهمناه من حكمة الله العلي القدير، حين شاء أن تكون أولى كلماته في الإنجيل (في البدء كانت الكلمة)، وفي القرآن (إقرأ)..
أيها القارئ بعد زمان طويل.. إقرأ.
مجموعة من المقالات بعضها لم يتم نشره في الجرائد. المقالات بها حدة على غير عادة فرج فودة.
فرج فودة رجل يكتب الدين والسياسة والاقتصاد لغير المتخصصين، بلغة بسيطة، وهذا سبب شهرته، وهذا سبب اغتياله (في رأيي). فبعكس الكثير من الباحثين ثقيلي الوزن في الإسلام السياسي، إلا ان صعوبة لغتهم في الكتابة -مثل حامد نصر أبو زيد وسيد القمني- جعلت الكثير ينصرف عنها، ولكن فرج فودة أوجع المتطرفين بأنه كسر هالة القداسة التي يدعوها بأنهم “علماء” وأنه على العامة ترك الدين للمختصين -وكأن الدين نزل لهم فقط وليس لكل الناس- بأنه يكتب بلغة الشارع، ومن هنا تجلى خطره عليهم.
المقالات التي أعجبتني:
– لشيخ الأزهر أن يحمد الله
– نكون أو لا نكون
– اسئلة حائرة
– أصول المسائل (وأنا أقرأ هذا المقال تسائلت، ماذا كانت ستكون رد فعل فرج فودة عندما يقرأ خبر الحكم بالسجن على من يقول أن تيران وصنافير مصرية، بينما يُرحب بمن يرفع علم السعودية ويقول على مصر انها كانت دولة احتلال؟!)
– الشباب والتطرف
– الفتاة المصرية وقضية الدين
في رأيي، أفضل كتابين كقرأتهم لفرج فودة، الحقيقة الغائبة والإرهاب.
لماذا ارتبط التطرف بالشباب؟
لأننا اغتلنا أحلامهم في مستقبل أفضل، واغتلنا أفكارهم بمناهج تعليمية متخلفة، واغتلنا ذاكرتهم بتزييف التاريخ، واغتلنا وعيهم حين علمناهم أن يروا الحقيقة من زاوية واحدة، واغتلنا أبصارهم حين حصرنا الألوان في الأبيض والأسود، تمامًا كما اختزلها المتطرفون في الجنة والنار، أما اللون الرمادي فقد محوناه من أذهانهم، وتخلفنا حتى عن المتعزلة الذين تحدثوا قبل ألف عام عن المنزلة بين المنزلتين، وليس لنا أن نندهش، لأننا الفعلة مع سبق الإصرار والترصد، وهي حقيقة مريرة بقدر ما هي صحيحة.
ما الذي حدث لنا في السنوات الأخيرة، وكيف سعينا حثيثًا إلى إنكار العقل أو إهماله، وما الذي دفع البعض إلى البحث في بطون كتب التراث، سعيًا وراء حديث آحاد ضعيف هنا أو فتوى فقيه بلا سند هناك، وما الذي جعل الإنكار أقرب كثيرًا من القبول، والتأثيم أهون كثيرًا من التكريم، والعسر أيسر كثيرًا من اليسر، ولماذا يحرص أبناؤنا أشد ألحرص على التمسك بالقشور، والتعصب للشكليات، والتعلق بالفروع، حتى أن البعض منهم يدعي أن الإسلام قد أتى بزي، وأنه فيما يرتديه يستنُّ بسنة الرسول الكريم، وعلمنا وفوق كل ذي علم عليم؛ أن الرسول لم يأت بزي جديد، وأنه أرتدى زي المقيمين في مكة، وأغلبهم من المشركين، وأنه لم يغير زيه بعد أ، تنزلت عليه الآيات البينات، وأنه أرتدى ما أهدي إليه من زي رومي أو حبشي أو فارسي بلا حرج، وأنه في زيه كان يقتدي بعصره، تمامًا كما نفعل نحن الآن، وأن أغلب الفقهاء قد أفتوا بأن سنة الرسول في الزي والعلاج خاصة بعصره ولا تنسحب على غيره من العصور، وهو ما يمكن أن يحمل عليه الكثير من أمور الدنيا في عصره أو عصرنا، غير أن البعض فيما يبدو يهمل ذلك كله، ولا يجد حرجًا في الإفتاء بأن سماع موسيقى بتهوفن قبل النوم حرام، تاركًا إيانا نضرب كفًا بكف ونحن نتسائل عن علة هذا التحريم، وعن مكان هذا الإنسان الوهي، الذي تتهيج غرائزه عند سماع بتهوفن، ويفسد طبعه إذا أنصت لموتسارت، وما أجدرنا بتساؤل آخر عن سند تحريم ما لم يعرفه عصر الرسول من فنون مثل المسرح، ومن آلات مثل الشيللو والكمان والأورج والبيانو، وهل يا ترى تمتد فتواهم إلى كا ما هو متاح وصداح، فتنطلق القوافل الشعبية بحثًا عن طيور الكناري لذبحها خوفًا من الفتنة، وإلى خرير الجداول لطمرها تحسبًا من الإثارة، وإلى أبواق السيارات لتدميرها تجنبًا لمقدمات الزنى!
الإزعاج يأتي من طبيعة المناخ الفكري السائد، وهو مناخ ينتج واقعًا، ويفرض توقعًا. أما الواقع فهو ما يسود المناخ الفكري والثقافي من أن الرأي الصحيح هو الرأي المريح، وأنه بقدر ما يكون الرأي مريحًا بقدر ما يكون صحيحًا، وبقدر ما يزعج بقدر ما يكون مرفوضًا وخاطئًا، وأما التوقع فهو أن ينتظر منك القراء أو السامعون، أن تترجم ما في أذهانهم، وأن تعبر عن دواخلهم، وأن تنطق بما يرددون بينهم وبين أنفسهم دون اقتناع في أغلب الأحيان، وإذا أراد الحاضرون نموذجًا على ما أذكره، فدونهم أشهر كتاب الأعمدة في الصحف المصرية، وسوف يجد القارئ أن شعبية الكاتب تتناسب طرديًا مع مدى تعبيره عن دواخلب الأغلبية، بصرف النظر عن صحتها أو اعتقاده بأنها صحيحة
إنني شخصيًا لا أتحمل أن أرى دجاجة تذبح أمام عيني، وما أكثر ما نهيت أطفالي عن مشاهدة ذبح خروف العيد لأنه منظر مفزع ولست أتصور انني مرهف الحس إلى درجة الشذوذ، لأن الدم هو الدم. والعذاب هو العذاب. والموت هو الموت، ومن لا يَرحم لا يُرحم، وإذا كنا نقتل الحيوان أو الطير مضطرين فهذا شيء والاستمتاع به شيء آخر.
أفهم أن يُضبط من يتسلحون بالقنابل والمسدسات ومن يستهدفون قلب النظام بالقوة، لأنهم ساعتها يدخلون ساحة الصراع العنيف ويدفعون ثمنًا لابد وأن يتوقعوه من البداية، لكني لا أفهم إطلاقًا أن يقبضوا على أفراد تهمتهم الوحيدة أنهم يتحدثون في السياسة ويجتمعون معًا لاتفاقهم في الرأي، أيًا كان الرأي وأيًا كان الهدف السياسي.. إلى متى يظل حق الإضراب وحق التظاهر جرائم؟